للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والواو فيه ضمير الذراريّ، وأما في قوله: (فَيُصِيبُونَ) فهو ضمير المجاهدين. (مِنْ نِسَائِهِمْ، وَذَرَارِيِّهِمْ؟، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("هُمْ مِنْهُمْ") وفي رواية عمرو بن دينار التالية: "هم من آبائهم"؛ أي: هم في الحكم في تلك الحالة كحكم آبائهم في جواز القتل، وليس المراد: إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم، بل المراد: إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية (١)، فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم. أفاده في "الفتح" (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله - صلى الله عليه وسلم - في ذراريّ المشركين يبيّتون: "هم من آبائهم": الذرية: تطلقه العرب على الأولاد والعيال والنساء، حكاه عياض، ومعنى الحديث: أن حُكمهم حُكم آبائهم في جواز قتلهم عند الاختلاط بهم في دار كفرهم، وبه قال الجمهور: مالك، والشافعيّ، وأبو حنيفة، والثوريّ، ورأوا رميهم بالمجانيق في الحصون، والمراكيب.

واختلف أصحابنا: هل يُرْمَون بالنار إذا كان فيهم ذراريهم ونساؤهم، رمي المشركين؟ على قولين، وأما إذا لم يكونوا فيهم؛ فهل يجوز رمي مراكبهم وحصونهم بالنار؟ أما إذا لم يوصل إليهم إلا بذلك، فالجمهور على جوازه، وأما إذا أمكن الوصول إليهم بغيره، فالجمهور على كراهته؛ لِمَا ثبت من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يعذِّب بالنار إلا الله"، رواه البخاريّ، وأما إذا كان فيهم مسلمون؛ فَمَنَعه مالك جملة، وهو الصحيح من مذهبه ومذهب جمهور العلماء، وفي المسألة تفصيل يُعرف في أصول الفقه. انتهى (٣).

[تنبيه]: ذكر ابن حبّان رحمه الله أن هذا الخبر منسوخ بخبر ابن عمر - رضي الله عنهما - الماضي، فقال في "صحيحه":

"ذِكْر الخبر المصرِّح بأن نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الذراريّ من المشركين كان بعد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هم منهم"، ثم ساق بسنده حديث الصعب - رضي الله عنه -، وفيه: وسألته عن


(١) المراد: وطؤهم بالأقدام.
(٢) "الفتح" ٧/ ٢٦٦، كتاب "الجهاد" رقم (٣٠١٢).
(٣) "المفهم" ٣/ ٥٢٩.