للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أولاد المشركين، أنقتلهم معهم؟ قال: "نعم، فإنهم منهم"، ثم نَهَى عن قتلهم يوم حُنين. انتهى (١).

وفي رواية الإسماعيليّ: "وكان الزهريّ إذا حدّث بهذا الحديث قال: وأخبرني ابن كعب بن مالك، عن عمه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا بعث إلى ابن أبي الْحُقَيق نَهَى عن قتل النساء والصبيان". انتهى.

قال الحافظ: وكأن الزهريّ أشار بذلك إلى نسخ حديث الصعب، وقال مالك، والأوزاعيّ: لا يجوز قتل النساء، والصبيان، بحال حتى لو تترَّس أهل الحرب بالنساء، والصبيان، أو تحصَّنوا بحصن، أو سفينة، وجعلوا معهم النساء، والصبيان لم يَجُز رميهم، ولا تحريقهم.

وقد أخرج ابن حبان في حديث الصعب زيادة في آخره: "ثم نَهَى عنهم يوم حنين"، وهي مُدْرَجة في حديث الصعب، وذلك بُيِّن في سنن أبي داود، فإنه قال في آخره: قال سفيان: قال الزهريّ: ثم نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك عن قتل النساء والصبيان.

قال: ويؤيد كون النهي في غزوة حنين ما في حديث رياح بن الربيع: "فقال لأحدهم: الْحَقْ خالدًا، فقل له: لا تقتل ذريةً، ولا عسيفًا"، والعسيف بمهملتين وفاء: الأجير وزنًا ومعنًى، وخالد - يعني: ابن الوليد - أول مَشاهده مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - غزوة الفتح، وفي ذلك العام كانت غزوة حنين.

وأخرج الطبرانيّ في "الأوسط" من حديث ابن عمر قال: "لمّا دخل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مكة أُتِي بامرأة مقتولة، فقال: ما كانت هذه تقاتِل"، ونَهَى … ، فذكر الحديث.

وأخرج أبو داود في "المراسيل" عن عكرمة: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة مقتولة بالطائف، فقال: "ألم أنه عن قتل النساء؟ من صاحبها؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، أردفتها، فأرادت أن تَصْرَعني، فتقتلني، فقتلتها، فأَمَر بها أن تُوارَى"، ويَحْتَمِل في هذه التعدد.

والذي جنح إليه غيرهم الجمع بين الحديثين، كما تقدمت الإشارة إليه،


(١) "صحيح ابن حبان" ١/ ٣٤٧.