للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ) ذلك النبيّ عليه السلام (لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي) بفتح أوله، وثالثه: مضارع تَبعَ، من باب تَعِبَ، ويَحْتَمِلُ بفتح أوله، وتشديد ثانيه، مضارع اتّبَع، من باب الافتعال. (رَجُلٌ) مرفوع على الفاعليّة، وقوله: (قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ) جملة في محلّ رفع صفة لـ "رجلٌ"، و"البُضْع" - بضم الباء الموحدة، وسكون الضاد المعجمة - يُطلَق على الفرج، والتزويج، والجماع، والمعاني الثلاثة لائقة هنا، ويُطلَق أيضًا على المهر، وعلى الطلاق، وقال الجوهريّ: قال ابن السِّكِّيت: البضع: النكاح، يقال: مَلَكَ فلان بضع فلانة (١).

(وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا)؛ أي: يدخلَ بها، ويُجامعها، (وَلَمَّا يَبْنِ) وللبخاريّ: "ولَمّا يَبْنِ بها"؛ أي: ولم يدخل عليها، لكن التعبير بـ "لَمّا" يُشعر بتوقع ذلك، قاله الزمخشريّ في قوله تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} الآية [الحجرات: ١٤]، ووقع في رواية سعيد بن المسيِّب، عن أبي هريرة، عند النسائيّ، وأبي عوانة، وابن حبان: "لا ينبغي لرجل بنى دارًا، ولم يسكنها، أو تزوج امرأةً، ولم يدخل بها"، وفي التقييد بعدم الدخول ما يُفْهَم أن الأمر بعد الدخول بخلاف ذلك، فلا يخفى فرق بين الأمرين، وإن كان بعد الدخول ربما استمرّ تعلق القلب، لكن ليس هو كما قبل الدخول غالبًا (٢).

(وَلَا آخَرُ)؛ أي: ولا يتبعني رجل غير هذا، وقوله: (قَدْ بَنَى بُنْيَانًا) جملة في محلّ رفع صفة له، ولفظ البخاريّ: "ولا أحد بنى بيوتًا، ولم يرفع سقوفها"، (وَلَمَّا يَرْفَعْ سُقُفَهَا) بضمّتين: جمع سَقْف، قال الفيّوميّ رحمه الله: اليَّقْفُ: معروفٌ، وجمعه: سُقُوفٌ، مثلُ فَلْسٍ وفُلُوسٍ، وسُقُفٌ بضمَّتين أيضًا، وهذا فَعْلٌ جُمِع على فُعُلٍ، وهو نادرٌ، وقال الفرّاء: سُقُفٌ: جمع سَقِيفٍ، مثلُ بَرِيدٍ وبُرُدٍ، وسَقَفتُ البيتَ سَقْفًا، من باب قَتَل: عَمِلتُ له سَقْفًا، وأسقفته بالألف كذلك، وسَقّفته بالتشديد للمبالغة. انتهى (٣).

أي: ولم يرفع سُقُف تلك البنيان.


(١) "الصحاح" ص ٩٤ - ٩٥، و"الفتح" ٧/ ٣٨٣.
(٢) "الفتح" ٧/ ٣٨٣، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١٢٤).
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٨٠.