للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَا آخَرُ)؛ أي: ولا يتبعني رجلٌ آخر (قَدِ اشْتَرَى غَنَمًا، أَوْ خَلِفَاتٍ) - بفتح الخاء المعجمة، وكسر اللام -: جمع خَلِفَة، وهي الحوامل من النوق، قال الفيّوميّ رحمه الله: الْخَلِفةُ - بكسر اللام -: هي الحامل من الإبل، وجَمْعها مَخَاضٌ من غير لفظها، كما تُجمع المرأة على النساء من غير لفظها، وهي اسم فاعل، يقال: خَلِفَت خَلَفًا، من باب تَعِبَ: إذا حَمَلَتْ، فهي خَلِفَةٌ، مثلُ تَبِعَةٍ، وربّما جُمِعت على لفظها، فقيل: خَلِفَاتٌ، وتُحذف الهاء أيضًا، فقيل: خَلِفٌ. انتهى (١).

قال النوويّ رحمه الله: في هذا الحديث أن الأمور المهمة ينبغي أن لا تُفَوَّض إلا إلى أولي الحزم، وفراغِ البال لها، ولا تُفَوَّض إلى متعلق القلب بغيرها؛ لأن ذلك يُضْعِف عزمه، ويُفوِّتُ كمال بَذْل وُسْعه فيه. انتهى (٢).

[تنبيه]: "أو" في قوله: "أو خَلِفَات" للتنويع، ويكون قد حُذِف وصف الغنم بالحمل لدلالة الثاني عليه، أو هو على إطلاقه؛ لأن الغنم يَقِلّ صبرها، فيُخشى عليها الضياع، بخلاف النُّوق، فلا يخشى عليها إلا مع الحَمْل، ويَحْتَمِل أن يكون قوله: "أو" للشكّ؛ أي: هل قال: "غَنَمًا" بغير صفة، أو "خلفات"؛ أي: بصفة أنها حوامل؟ كذا قال بعض الشراح، والمعتمد أنها للتنويع، فقد وقع في رواية أبي يعلى، عن محمد بن العلاء: "ولا رجل له غنمٌ، أو بقرٌ، أو خَلِفاتٌ"، قاله في "الفتح" (٣).

(وَهُوَ مُنْتَظِرٌ وِلَادَهَا) بكسر الواو: مصدر لوَلَد ولادًا، وولادةً.

وقال القرطبيّ رحمه الله: وإنما نهى هذا النبي قومه عن اتّباعه على هذه الأحوال؛ لأن أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب، فتضعف عزائمهم، وتفتُر رغباتهم في الجهاد، والشهادة، وربما يُفْرِط ذلك التعلق بصاحبه فيُفضي به إلى كراهة الجهاد، وأعمال الخير، وكأن مقصود هذا النبيّ أن يتفرَّغوا من عُلَق الدنيا، ومهمات أغراضها، إلى تمني الشهادة بنيَّات


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٧٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٥١ - ٥٢.
(٣) "الفتح" ٧/ ٣٨٤، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١٢٤).