للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صادقة، وعزومٍ حازمة، صافية؛ ليحصلوا على الحظ الأوفر، والأجر الأكبر. انتهى (١).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (فَغَزَا) ذلك النبيّ بمن تبعه ممن لم يتّصف بتلك الصفة، (فَأَدْنَى لِلْقَرْيَةِ)؛ أي: قرّب جيشه لتلك القرية التي أراد غزوها، وهي أَرِيحا - بفتح الهمزة، وكسر الراء، بعدها تحتانية ساكنة، ومهملة مع القصر - سمّاها الحاكم في روايته، عن كعب، وفي رواية البخاريّ: "فدنى من القرية" من الدنوّ، ثلاثيًّا؛ أي: قَرُبَ منها،

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: (فأدنى للقرية … إلخ) هكذا هو في جميع النسخ: "فأدنى بهمزة قطع. قال القاضي عياض: كذا هو في جميع النسخ: "فأدنى" رباعيّ، إما أن يكون تعديةً لـ "دَنَى أي: قَرُب، فمعناه: أدنى جيوشه، وجموعه للقرية، وإما أن يكون أدنى بمعنى حان؛ أي: قَرُب فَتْحها، من قولهم: أدنت الناقة: إذا حان نتاجها، ولم يقولوه في غير الناقة. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله بعد ذكر كلام عياض المذكور: قلت: والذي يظهر لي: أن ذلك من باب: أنجد، وأغار، وأشهر، وأظهر؛ أي: دخل في هذه الأزمنة والأمكنة، فيكون معنى "أدنى أي: دخل في هذا الموضع الداني منها، والله تعالى أعلم. انتهى (٣).

(حِينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ) "حين" ظرف لـ "أدنى(أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ)؛ أي: من وقت صلاة العصر (فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ)؛ أي: تسيرين بأمر الله تعالى، فأنت مسخّرة منه تعالى، لا طاقة لك في التصرّف، (وَأَنَا مَأمُورٌ)؛ أي: بقتال هؤلاء الكفّار، وفي رواية سعيد بن المسيِّب: "فلقي العدوّ عند غيبوبة الشمس"، وبَيَّن الحاكم في روايته، عن كعب سبب ذلك، فإنه قال: إنه وصل إلى القرية وقت عصر يوم الجمعة، فكادت الشمس أن تغرب، ويدخل الليل، وبهذا يتبين معنى قوله: "وأنا مأمور"، والفرق بين المأمورين: أن أَمْر الجمادات أمر تسخير، وأَمْر العقلاء أمر تكليف.


(١) "المفهم" ٣/ ٥٣١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٥٢.
(٣) "المفهم" ٣/ ٥٣٢.