للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بغير شكّ، فكأنه أيضًا حَمَل رواية مالك على رواية الليث.

قال ابن عبد البرّ: وقال سائر أصحاب نافع: "اثني عشر بعيرًا"، بغير شكّ، لم يقع الشك فيه إلا من مالك. انتهى (١).

قوله: (وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا) بلفظ الفعل الماضي مبنيًّا للمفعول، والنَّفَل - بفتحتين -: جمعه أنفال، مثلُ سبَب وأسباب: زيادة يُزادها الغازي على نصيبه من الغنيمة، ومنه نَفْل الصلاة وهو ما عدا الفرض.

وقال النوويّ رحمه اللهُ: معنى قوله: "نُفِّلوا بعيرًا بعيرًا": أن الذين استحقّوا النفل نُفِّلوا بعيرًا بعيرًا، لا أن كل واحد من السرية نُفِّل، قال أهل اللغة، والفقهاء: الأنفال: هي العطايا من الغنيمة، غير السهم المستحَقِّ بالقسمة، واحدها نَفَل - بفتح الفاء - على المشهور، وحُكِيَ إسكانها. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": واختلف الرواة في القَسْم والتنفيل، هل كانا جميعًا من أمير ذلك الجيش، أو من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو أحدهما من أحدهما؟ فرواية ابن إسحاق صريحة أن التنفيل كان من الأمير، والقسم من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وظاهر رواية الليث، عن نافع، عند مسلم أن ذلك صدر من أمير الجيش، وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان مقرِّرًا لذلك، ومجيزًا له؛ لأنه قال فيه: "ولم يغيّره النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وفي رواية عبد الله بن عمر عنده أيضًا: "ونفّلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا بعيرًا"، وهذا يمكن أن يُحْمَل على التقرير، فتجتمع الروايتان.

قال النوويّ رحمه اللهُ: معناه: أن أمير السرية نَفّلهم، فأجازه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فجازت نسبته لكلّ منهما. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ رحمه الله: هذه السرية خرجت من جيش بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجد، فلما غَنِمت قسم ما غنمت على الجيش والسرية، فكانت سُهمان؛ كل واحد من الجيش والسَّرية اثني عشر بعيرًا، اثني عشر بعيرًا، ثم زيد أهل السَّرية بعيرًا بعيرًا، فكان لكل إنسان من أهل السَّرية ثلاثة عشر بعيرًا، ثلاثة


(١) "الفتح" ٧/ ٤١٠ - ٤١١، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١٣٤).
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ٥٥.
(٣) "الفتح" ٧/ ٤١١، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣١٣٤).