الأوزاعيّ، وجماعة من الشاميين: لا يُنفّل في أول غنيمة، ولا ينفل ذهبًا ولا فضّة. انتهى.
وقال في "الفتح": وقد اختلف العلماء هل هو من أصل الغنيمة، أو من الخمس، أو من خمس الخمس، أو مما عدا الخمس؟ على أقوال، والثلاثة الأُوَلُ مذهب الشافعيّ، والأصح عندهم أنها من خمس الخمس، ونقله منذر بن سعيد عن مالك، وهو شاذّ عندهم، قال ابن بطال: وحديث الباب يردّ على هذا؛ لأنهم نُفِّلوا نصف السدس، وهو أكثر من خمس الخمس، وهذا واضح، وقد زاده ابن الْمُنَيِّر إيضاحًا، فقال: لو فرضنا أنهم كانوا مائة لكان قد حصل لهم ألف ومائتا بعير، ويكون الخمس من الأصل ثلاثمائة بعير، وخمسها ستون، وقد نطق الحديث بأنهم نُفِّلوا بعيرًا بعيرًا، فتكون جملة ما نُفِّلوا مائة بعير، وإذا كان خمس الخمس ستين لم يَفِ كلّه ببعير بعير لكل من المائة، وهكذا كيفما فرضت العدد. قال: وقد ألجأ هذا الإلزام بعضهم فادَّعَى أن جميع ما حصل للغانمين كان اثني عشر بعيرًا، فقيل له: فيكون خمسها ثلاثة أبعرة، فيلزم أن تكون السرية كلها ثلاثة رجال، كذا قيل، قال ابن المنير: وهو سهو على التفريع المذكور، بل يلزم أن يكون أقل من رجل بناء على أن النَّفَل من خمس الخمس.
وقال ابن التين: قد انفصل من قال من الشافعية بأن النفل من خمس الخمس بأوجه:
منها: أن الغنيمة لم تكن كلها أبعرة، بل كان فيها أصناف أخرى، فيكون التنفيل وقع من بعض الأصناف دون بعض.
ثانيها: أن يكون نَفَّلهم من سهمه من هذه الغزاة وغيرها، فضم هذا إلى هذا، فلذلك زادت العدة.
ثالثها: أن يكون نَفَّل بعض الجيش دون بعض، قال: وظاهر السياق يردّ هذه الاحتمالات، قال: وقد جاء أنهم كانوا عشرة، وأنهم غَنِموا مائة وخمسين بعيرًا، فخرج منها الخمس، وهو ثلاثون، وقسم عليهم البقية، فحصل لكل واحد اثنا عشر بعيرًا، ثم نفّلوا بعيرًا بعيرًا، فعلى هذا فقد نُفِّلوا ثلث الخمس.