قال الحافظ: إن ثبت هذا لم يكن فيه ردّ للاحتمال الأخير؛ لأنه يَحْتَمِل أن يكون الذين نُفِّلوا ستة من العشرة، والله أعلم.
وقال الأوزاعيّ، وأحمد، وأبو ثور، وغيرهم: النفل من أصل الغنيمة، وقال مالك، وطائفة: لا نفل إلا من الخمس.
وقال الخطابيّ: أكثر ما رُوي من الأخبار يدلّ على أن النفل من أصل الغنيمة، والذي يقرب من حديث الباب أنه كان من الخمس؛ لأنه أضاف الاثني عشر إلى سُهمانهم، فكأنه أشار إلى أن ذلك قد تقرر لهم استحقاقه من الأخماس الأربعة الموزعة عليهم، فيبقى للنفل من الخمس.
قال الحافظ: ويؤيده ما رواه مسلم في حديث الباب من طريق الزهريّ قال: بلغني عن ابن عمر قال: نَفَّلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريّة بعثها قِبَل نجد من إبل جاؤوا بها نَفَلًا سوى نصيبهم من المغنم. لم يسق مسلم لفظه، وساقه الطحاويّ.
ويؤيده أيضًا ما رواه مالك، عن عبد ربه بن سعيد، عن عمرو بن شعيب: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، وهو مردود عليكم"، وصله النسائيّ من وجه آخر حسنٍ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، وأخرجه أيضًا بإسناد حسن، من حديث عُبادة بن الصامت - رضي الله عنه -، فإنه يدلّ على أن ما سوى الخمس للمقاتِلة.
ورَوَى مالك أيضًا عن أبي الزناد، أنه سمع سعيد بن المسيِّب قال: كان الناس يُعْطَون النفل من الخمس.
قال الحافظ: وظاهره اتِّفاق الصحابة على ذلك.
وقال ابن عبد البرّ: إن أراد الإمام تفضيل بعض الجيش لمعنى فيه، فذلك من الخمس، لا من رأس الغنيمة، وإن انفردت قطعة، فأراد أن يُنَفِّلها مما غَنِمت دون سائر الجيش، فذلك من غير الخمس، بشرط أن لا يزيد على الثلث. انتهى. وهذا الشرط قال به الجمهور، وقال الشافعيّ: لا يتحدد، بل هو راجع إلى ما يراه الإمام من المصلحة، ويدلّ له قوله تعالى:{قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}[الأنفال: ١]، ففوّض إليه أمرها، والله أعلم.
وقال الأوزاعيّ: لا ينفّل من أول الغنيمة، ولا ينفّل ذهبًا، ولا فضةً،