جماعة، فقالوا: هي حرف جواب، يقتضي التعليل، وأفاد أبو علي الفارسيّ أنها قد تتمحض للجواب، وأكثر ما تجيء جوابًا لـ"لو"، و"إن" ظاهرًا، أو مقدّرًا، فعلى هذا لو ثبتت الرواية بلفظ "إذًا" لاختل نظم الكلام؛ لأنه يصير هكذا: لا والله إذًا لا يعمد إلى أسد إلخ، وكان حقّ السياق أن يقول: إذًا يَعمد؛ أي: لو أجابك إلى ما طلبت، لعمد إلى أسد … إلخ.، وقد ثبتت الرواية بلفظ:"لا يعمد … إلخ"، فمِنْ ثَمَّ ادّعَى من ادعى أنها تغيير، ولكن قال ابن مالك: وقع في الرواية "إذًا" بألف وتنوين، وليس ببعيد.
وقال أبو البقاء: هو بعيد، ولكن يمكن أن يوجّه بأن التقدير: لا والله لا يعطي إذًا؛ يعني ويكون: لا يعمد … إلخ تأكيدًا للنفي المذكور، وموضحًا للسبب فيه.
وقال الطيبيّ: ثبت في الرواية: "لاها الله إذًا" فَحَمله بعض النحويين على أنه من تغيير بعض الرواة؛ لأن العرب لا تستعمل "لاها الله" بدون "ذا"، وإن سُلّم استعماله بدون "ذا"، فليس هذا موضع إذًا؛ لأنها حرف جزاء، والكلام هنا على نقيضه، فإن مقتضى الجزاء أن لا يذكر "لا" في قوله: "لا يعمد"، بل كان يقول:"إذًا يعمد إلى أسد … إلخ"؛ ليصح جوابًا لطلب السلَب، قال: والحديث صحيح، والمعنى صحيح، وهو كقولك لمن قال لك: أفعل كذا، فقلت له: والله إذًا لا أفعل، فالتقدير: إذًا والله لا يعمد إلى أسد … إلخ، قال: ويَحْتَمِل أن تكون "إذًا" زائدة، كما قال أبو البقاء: إنها زائدة في قول الحماسيّ:
إِذًا لَقَامَ بِنَصْرِي مَعْشَرٌ خُشُنُ
في جواب قوله:
لَوْ كُنْتُ مِنْ مَازِنٍ لَمْ تُسْتَبَحْ إِبِلِي
قال: والعجب ممن يعتني بشرح الحديث، ويُقَدِّم نقل بعض الأدباء على أئمة الحديث وجهابذته، وينسبون إليهم الخطأ والتصحيف، ولا أقول: إن جهابذة المحدثين أعدل وأتقن في النقل؛ إذ يقتضي المشاركة بينهم، بل أقول: لا يجوز العدول عنهم في النقل إلى غيرهم.
قال الحافظ: وقد سبقه إلى تقرير ما وقع في الرواية، ورَدّ ما خالفها