يعمد إلى السلب فيعطيك حقّه، فالجزاء على هذا صحيح؛ لأن صدقه سبب أن لا يفعل ذلك، قال: وهذا واضح، لا تكلف فيه. انتهى.
وهو توجيه حسنٌ، والذي قبله أقعد، ويؤيد ما رجحه من الاعتماد على ما ثبتت به الرواية كثرة وقوع هذه الجملة في كثير من الأحاديث:
منها: ما وقع في حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة بريرة لَمّا ذكرت أن أهلها يشترطون الولاء، قالت: فانتهرتها، فقلت: لاها الله إذًا.
ومنها: ما وقع في قصة جُليبيب - بالجيم، والموحدتين، مصغرًا - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خطب عليه امرأة من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتى أستأمر أمها، قال:"فنعم إذًا"، قال: فذهب إلى امرأته، فذكر لها، فقالت: لاها الله إذًا، وقد منعناها فلانًا … الحديث صححه ابن حبان من حديث أنس - رضي الله عنه -.
ومنها: ما أخرجه أحمد في "الزهد" قال: قال مالك بن دينار للحسن: يا أبا سعيد لو لبست مثل عباءتي هذه، قال: لاها الله إذًا، ألبس مثل عباءتك هذه.
وفي "تهذيب الكمال" في ترجمة ابن أبي عتيق أنه دخل على عائشة في مرضها، فقال: كيف أصبحتِ؟ جعلني الله فداك، قالت: أصبحت ذاهبةً، قال: فلا إذًا، وكان فيه دُعابة.
ووقع في كثير من الأحاديث في سياق الإثبات بقَسَم، وبغير قَسَم:
فمن ذلك في قصة جليبيب.
ومنها: حديث عائشة في قصة صفية لَمّا قال - صلى الله عليه وسلم -: "أحابستنا هي؟ " وقال: إنها طافت بعدما أفاضت، فقال:"فلتنفر إذًا"، وفي رواية:"فلا إذًا".
ومنها: حديث عمرو بن العاص وغيره في سؤاله عن أحبّ الناس، فقال:"عائشة"، فقال: لم أَعْنِ النساء، قال:"فأبوها إذًا".
ومنها: حديث ابن عباس في قصة الأعرابي الذي أصابته الْحُمَّى، فقال: بل حُمَّى تفور على شيخ كبير، تزيره القبور، قال:"فنعم إذًا".
ومنها: ما أخرجه الفاكهيّ من طريق سفيان، قال: لقيت ليطة بن الفرزدق، فقلت: أسمعت هذا الحديث من أبيك؟ قال: أي ها الله إذًا، سمعت أبي يقوله، فذكر القصة.