للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدينة أقرب، ويقال: هو منها على ثمانية وعشرين فرسخًا على منتصف الطريق تقريبًا، وسيأتي تمام البحث فيه في "باب غزوة بدر" قريبًا - إن شاء الله تعالى. (نَظَرْتُ عَنْ يَمِيني، وَشِمَالِي، فَإذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ) "إذا" هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأني كوني بين غلامين، والغلامان: هما معاذ بن عمرو بن الْجَمُوح، ومعاذ بن عفراء، كما سيأتي بعدُ. (حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا) بجرّ "حديثة" صفة لـ"غلامين"، ورفع "أسنانهما" على الفاعليّة لـ"حديثة"، (تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا) - بالضاد المعجمة، والعين المهملة - أي: بين أشدّ، وأقوى منهما؛ أي: من الغلامين المذكورين، وهو على وزن أفعل، من الضّلاعة، وهي القوّة، يقال: اضطلع بحمله؛ أي: قَوِيَ عليه، ونَهَضَ به. انتهى (١).

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "بين أضلع منهما"؛ أي: بين رجلين أقوى من الغلامين اللذين كنت بينهما، وأشدّ، قال: لعله لَمّا رأى نفسه بين الغلامين، وهما حديثا السنّ، استَشعَر، وتمنّى أن يكون بين أقوى منهما. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في جميع النسخ: "أضلع" - بالضاد المعجمة، وبالعين - وكذا حكاه القاضي عن جميع نُسخ "صحيح مسلم"، وهو الأصوب، قال: ووقع في بعض روايات البخاريّ: "أصلح" - بالصاد والحاء المهملتين - قال: وكذا رواه مسدد، قال النوويّ: وكذا وقع في حاشية بعض نُسخ "صحيح مسلم"، ولكن الأول أصحّ، وأجود، مع أن الاثنين صحيحان، ولعله قالهما جميعًا، ومعنى "أضلع": أقوى. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "تمنيت لو كنت بين أضلع منهما" كذا الرواية، بالضاد المعجمة، والعين المهملة، ووقع في بعض روايات البخاريّ: "أصلح" بالحاء، والصاد، مهملتين، من الصلاح، والأول أصوب، ومعنى "أضلع": أقوى، والضلاعة: القوّة، ومنه قولهم: هل يدرك الضالع شأو الضليع - بالضاد -؛ أي: القويّ، والظالع - بالظاء المشالة -: هو الذي أصابه


(١) "عمدة القاري" ٢٢/ ٣١٦، كتاب "الخمس" رقم (٣١٤١).
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٩/ ٢٧٧٥.
(٣) "شرح النوويّ" ١٢/ ٦٢.