للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خالدًا أن يعطيه السلب بعد أن نهاه عنه، صريح في أن ذلك السلب رُدّ إلى ذلك المدديّ، ولكن هذا يحتاج إلى رواية صحيحة تُثبته، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.

(هَلْ أنتُمْ تَارِكُونَ لِي أمَرَائِي؟) هكذا في بعض النسخ: "تاركون لي" بثبوت النون، وهذا هو الأصل؛ لأنها نون جمع المذكّر السالم، لا تُحذف إلا للإضافة، كما قال في "الخلاصة":

نُونًا تَلِي الإِعْرَابَ أَوْ تَنْوِينًا … مِمَّا تُضِيفُ احْذِفْ كـ "طُورِ سِينًا"

ووقع في بعض النسخ: "تاركو لي" بحذفها، قال القرطبيّ - رحمه الله -: هكذا الرواية بإسقاط النون من "تاركو" ولحذفها وجهان:

[أحدهما]: أن يكون استطال الكلمة كما استطيلت كلمة الاسم الموصول، كما قال تعالى: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: ٦٩]، على أحد القولين، وكما قال الشاعر [من الكامل]:

أَبَنِي كُلَيْبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا … قَتَلَا الْمُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلَالَا

[والوجه الثاني]: أن يكون "أمرائي" مضافًا، وأقحم الجار والمجرور بين المضاف والمضاف إليه، ويكون هذا من نوع قراءة ابن عامر: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: ١٣٧]، بنصب {أَوْلَادِهِمْ}، وخفض {شُرَكَاؤُهُمْ}، ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وأكثر ما يكون هذا النوع في الشعر، وكما أنشده سيبويه [من الوافر]:

كَمَا خُطَّ الْكِتَابُ بِكَفِّ يَوْمًا … يَهُودِيَّ يُقَارِبُ أَوْ يَزِيلُ

وكما أنشد:

فَزَجَّجْتُهَا بِمِزَجَّةٍ … زَجَّ الْقُلُوصِ أبِي مَزَادَهْ (١)

قال الجامع عفا الله عنه: وإلى هذا أشار ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال:

فَصْلَ مُضَافٍ شِبْهِ فِعْلٍ مَا نَصَبْ … مَفْعُولًا اوْ ظَرْفًا أَجِزْ وَلَمْ يُعَبْ

فَصْلُ يَمِينٍ وَاضْطِرَارًا وُجِدَا … بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِنَعْتٍ أَوْ نِدَا


(١) "المفهم" ٣/ ٥٥٢.