للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ)؛ أي: صفة الأمراء، وصفتكم أنتم أيها الجيش، (كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ) بالبناء للمفعول؛ أي: كُلّف، وطُلب منه أن يَرْعى (إِبِلًا، أَوْ غَنَمًا) "أو" هنا للتنويع، (فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا)؛ أي: طلب القوت المناسب لسقيها الماءَ، (فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ)؛ أي: دخلت في ذلك الحوض (فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ)؛ أي: ما صفا من مائه، (وَتَرَكَتْ كَدَرَهُ) بفتحتين؛ أي: غير الصافي منه، (فَصَفْوُهُ لَكُمْ) أيها الجيش (وَكَدَرُهُ عَلَيْهِمْ")؛ أي: على الأمراء، قال أهل اللغة: الصفو هنا - بفتح الصاد - لا غير، وهو الخالص، فإذا ألحقوه الهاء، فقالوا: الصفوة كانت الصاد مضمومةً، ومفتوحةً، ومكسورةً، ثلاث لغات.

ومعنى الحديث: أن الرعية يأخذون صفو الأمور، فتصلهم أعطياتهم بغير نكد، وتبتلى الولاة بمقاساة الأمور، وجمع الأموال على وجوهها، وصرفها في وجوهها، وحفظ الرعية، والشفقة عليهم، والذبّ عنهم، وإنصاف بعضهم من بعض، ثم متى وقع عُلْقَةٌ، أو عَتبٌ في بعض ذلك توجه على الأمراء دون الناس، قاله النوويّ (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "استُرْعِي أي: كُلِّف رعْيها ورعايتها، وهذا مثال مطابق للمُمَثَّل به من كل وجه.

و"الصفو" الصافي عن الكدر، وهو عبارة عما يأخذه الناس بالقسم.

و"الكدر" المتغير، وهو مثال لِمَا يبقى للأمراء؛ لِمَا يتعلق به من التبعات والحقوق. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٣/ ٤٥٦٠ و ٤٥٦١] (١٧٥٣)، و (أبو داود) في


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ٦٥.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٥٢ - ٥٥٣.