للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِأمّتِي) وفي رواية للبخاريّ من طريق هشام الدستوائيّ عن قتادة: "تجاوز عن أمتي" (مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا) وفي رواية سعيد بن أبي عروبة التالية: "عما حدّثت به أنفسها وفي رواية للبخاريّ: "عما وسوست، أو حدَّثت به أنفسها" بالتردّد، قال في "القاموس": تجاوز عن ذنبه": لم يؤاخذه به. انتهى. فالفعل يتعدّى بحرف الجرّ، كما جاء في رواية ابن أبي عروبة.

قال القرطبيّ: روايتنا: نصب "أنفسها" على أنه مفعول "حَدَّثَت"، وفي "حَدَّثَت" ضمير فاعل عائدٌ على الأمّة، وأهل اللغة يقولون: "أنفُسُها" بالرفع على أنه فاعل "حَدَّثَت"، يريدون بغير اختيار، قاله الطحاويّ. انتهى (١).

وقال في "الفتح": "أنفُسَها" بالنصب للأكثر، وبالرفع لبعضهم، وقال النوويّ: ضبط العلماء "أنفسها" بالنصب، والرفع، وهما ظاهران، إلا أن النصب أظهر، وأشهر، قال القاضي عياض: "أنفسها" بالنصب، ويدلّ عليه قوله: "إن أحدنا يُحدّث نفسه … "، قال: قال الطحاويّ: وأهل اللغة يقولون: "أنفسُها" بالرفع، يريدون بغير اختيارها، كقوله تعالى: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: ١٦]، والله تعالى أعلم (٢).

وقال السنديّ: قوله: "حدّثت به أنفسها" يحتمل الرفع على الفاعليّة، والنصب على المفعوليّة، والثاني أظهر معنىً، والأول يُجعل كنايةً عما لم تحدّث به ألسنتهم. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تحصّل مما ذُكر أن الرفع والنصب سائغان، يقال: حدّثت نفسي بكذا، وحدّثتني نفسي بكذا، والله تعالى أعلم.

(مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا، أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ") الجارّ والمجرور تنازعهما الفعلان: أي ما لم يتكلّموا به، أو يعملوا به، وفي رواية سعيد التالية: "ما لم تعمل، أو تكلّم به".


(١) "المفهم" ١/ ٣٤٠.
(٢) "شرح مسلم" ٢/ ١٤٧ "كتاب الإيمان".
(٣) "شرح السنديّ " ٦/ ١٥٧.