للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الناحية التي كان ابتدأ منها، ومعنى ذلك - كما قال بعضهم - أنّ هذا المال الذي استولى عليه الكفّار كان حقيقًا بأن يكون له - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله تعالى خلق الناس لعبادته، وخلق ما خلق لهم ليتوصّلوا به إلى طاعته، فهو جدير بأن يكون للمطيعين، وهو - صلى الله عليه وسلم - رأسهم ورئيسهم، وبه أطاع من أطاع، فكان أحقّ به. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وهذا يدلّ على أن الأموال إنما كانت للمسلمين بالأصالة، ثم صارت للكفار بغير الوجوه الشرعية، فكأنهم لم يملكوا ملكًا صحيحًا، لا سيما إذا تنزلنا على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ومع ذلك فلهم شُبهة المُلك؛ إذ قد أضاف الله إليهم أموالًا؛ كما أضاف إليهم أولادًا، فقال: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ} الآية [التوبة: ٥٥]، وقد اتفق المسلمون على أن الكافر إذا أسلم وبيده مال غير متعيّن للمسلمين كان له، لا ينتزعه أحدٌ منه بوجه من الوجوه، وسيأتي للمسألة مزيد بيان. انتهى (٢).

(مِمَّا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ)؛ أي: لم يُسرع، ولم يُجْرِ؛ أي: بلا حرب، وفي "المصباح": وَجَفَ الفرس والبعير وَجِيفًا: عَدَا، وأوجفته بالألف: أعديته، وهو الْعَنَقُ في السير، وقولهم: ما حصل بإيجاف؛ أي: بإعمال الخيل، والركاب في تحصيله. انتهى (٣).

(بِخَيْلٍ، وَلَا رِكَابٍ) هي ما يُركب من الإبل، غلب ذلك عليها من بين المركوبات، قال الفيّومي: الرِّكاب بالكسر: الْمَطِيّ، الواحدة راحلة، من غير لفظها. انتهى (٤). (فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً) قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا الحديث حجَّة لمالك على أن الفيء لا يُقْسَم، وإنما هو موكول لاجتهاد الإمام، والخلاف الذي ذكرناه في الخُمس هو الخلاف هنا، فمالك لا يقسمه، وأبو حنيفة يقسمه أثلاثًا، والشافعيّ أخماسًا. انتهى (٥).

وقال النوويّ - رحمه الله -: هذا الحديث يؤيّد مذهب الجمهور أنه لا خَمْس في


(١) راجع: "حاشية الجمل على الجلالين" في تفسير "سورة الحشر" ٤/ ٣١٢.
(٢) "المفهم" ٣/ ٥٥٧.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٩.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٢٣٦.
(٥) "المفهم" ٣/ ٥٥٧.