للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التقدير: هذا كالظالم، وقيل: هي كلمة تقال في الغضب، لا يراد بها حقيقتها، وقيل: لَمّا كان الظلم يُفَسّر بأنه وضع الشيء في غير موضعه، تناول الذنب الكبير والصغير، وتناول الخصلة المباحة التي لا تليق عُرفًا، فيُحْمَل الإطلاق على الأخيرة، والله أعلم. انتهى (١).

(فَقَالَ الْقَوْمُ)؛ أي: الحاضرون عند عمر، وهم: عثمان، ومن ذُكر معه - رضي الله عنهم -، وقال في "الفتح": ورأيت في رواية معمر، عن الزهريّ في "مسند ابن أبي عمر": "فقال الزبير بن العوّام: "اقض بينهما"، فأفادت تعيين من باشر سؤال عمر في ذلك. انتهى (٢).

(أَجَلْ) كنَعَم وزنًا ومعنًى، (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْ، وَأَرِحْهُمْ) هذا يدلّ على أن الخصام طال بينهما، بحيث عرفه هؤلاء الحاضرون عند عمر - رضي الله عنه -، وإليه يشير قوله: (فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: يُخَيَّلُ إِلَيَّ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: أظنّ، وأتوهّم (أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذَلِكَ)؛ يعني: أن العبّاس، وعليًّا، ومن معهما قدّموا عثمان، ومن معه إلى عمر؛ ليُكلّموه في أن يقضي بينهما قضاءً مبرمًا، يفصل النزاع بينهما. (فَقَالَ عُمَرُ) - رضي الله عنه - (اتَّئِدَا) بالتثنية خطابًا لعبّاس وعليّ - رضي الله عنهما -؛ أي: اصبرا، وتمهّلا، وفي بعض النسخ: "اتّئدوا" بالجمع خطابًا لهما، وللحاضرين. (أَنْشُدُكُمْ)؛ أي: أسالكم رافعًا نشيدتي؛ أي: صوتي، وقال القرطبيّ: أي: أقسم بالله، يُخاطب الحاضرين، (بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، أتعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَة"؟) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: جميع الرواة لهذه اللفظة في "الصحيحين"، وفي غيرهما، يقولون: "لا نورث" - بالنون - وهي نون جماعة الأنبياء، كما قال: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث".

و"صدقة": مرفوع على أنه: خبر المبتدأ الذي هو: "ما تركنا والكلام جملتان: الأولى: فعلية، والثانية: اسمية، لا خلاف بين المحدثين في هذا، وقد صحَّفه بعض الشيعة، فقال: "لا يورث - بالياء - ما تركنا صدقةً" - بالنصب -


(١) "الفتح" ١٧/ ١٧٩ - ١٨٠، كتاب "الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة" رقم (٧٣٠٥).
(٢) "الفتح" ٧/ ٣٥٨، كتاب "فرض الخمس" رقم (٣٠٩٤).