للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَفَدَكٍ) بفتح الفاء، والدال المهملة، آخره كاف: بلدة بينها وبين مدينة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مراحل، وكان من شأنها ما ذكر أصحاب المغازي قاطبةً: أن أهل فدك كانوا من يهود، فلما فُتِحَت خيبر أرسل أهل فدك يطلبون من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأمان على أن يتركوا البلد، ويرحلوا، وروى أبو داود من طريق ابن إسحاق، عن الزهري وغيره، قالوا: بقيت بقية من خيبر تحصّنوا، فسألوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يَحْقِن دماءهم، ويُسَيِّرهم، فَفَعَل، فسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، وكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصّةً.

لأبي داود أيضًا من طريق معمر، عن ابن شهاب: "صالَحَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أهل فدك، وقُرًى سمّاها، وهو يحاصر قومًا آخرين؛ يعني: بقية أهل خيبر. انتهى (١).

(وَمَا بَقِيَ)؛ أي: بعد قسمة الغنائم على أهلها، (مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ)، وفي رواية معمر المذكورة: "وسهمه من خيبر وقد روى أبو داود بإسناد صحيح إلى سهل بن أبي خيثمة قال: "قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر نصفين: نصفها لنوائبه، وحاجته، ونصفها بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهمًا"، ورواه بمعناه من طرق أخرى عن بشير بن يسار مرسلًا، ليس فيه سهل. انتهى.

قال في "الفتح": وهذا يؤيّد ما تقدّم أنها لم تَطلب من جميع ما خلّف، وإنما طلبت شيئًا مخصوصًا.

(فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ)، وفي رواية معمر المذكورة: "فقال لهما أبو بكر: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، قال في "الفتح": وهو يردّ تأويل الداوديّ الشارح في قوله: إن فاطمة حملت كلام أبي بكر على أنه لم يسمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما سمعه من غيره. انتهى (٢).

("لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ) قال السنديّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "شرح النسائيّ": قوله: "لا نورث"؛ أي: نحن، يريد معاشر الأنبياء، وهذا الخبر قد رواه غير أبي بكر أيضًا، وتكفي رواية أبي بكر لوجوب العمل به، ولا يَرِدُ أن خبر الآحاد كيف


(١) "الفتح" ٧/ ٣٥٢ - ٣٥٣.
(٢) "الفتح" ٧/ ٣٥١ "فرض الخمس" رقم (٣٠٩٢).