للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُخَصِّص عموم القرآن؛ لأن ذلك بالنظر إلى من بلغه الحديث بواسطة، وأما من أخذه بلا واسطة، فالحديث بالنظر إليه كالقرآن في وجوب العمل، فيصحّ به التخصيص، على أن كثيرًا من العلماء جوّز التخصيص بأخبار الآحاد، فلا غبار أصلًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحقّ أن القول بجواز التخصيص بخبر الآحاد هو الصواب، وهو قول الجمهور، ومنهم الأئمة الأربعة، فيما حكاه ابن الحاجب، وقد أُجيب عن قول المانعين بأنه إن جاز يلزم ترك القطعيّ بالظنّي، بأن محل التخصيص دلالة العامّ، وهي ظنيّة، والعمل بالظنَّين أولى من إلغاء أحدهما، وإلى الأقوال في مسألة نسخ الكتاب بالسُّنَّة وعكسه أشار في "الكوكب الساطع" حيث قال:

وَجَازَ أَنْ يُخَصَّ فِي الصَّوَابِ … سُنَّتُهُ بِهَا وَبِالْكِتَابِ

وَهْوَ بِهِ وَخَبَرِ التَّوَاتُرِ … وَخَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ الأَكْثَرِ

وَقِيلَ إِنْ خُصَّ بِقَاطِعٍ جَلِي … وَعَكْسُهُ وَقِيلَ بِالْمُنْفَصِلِ

انظر ما كتبته على هذه الأبيات في "الجليس الصالح النافع، شرح الكوكب الساطع" (ص ١٩٤ - ١٩٦).

[تنبيه]: قال "الفتح": وأما ما اشتهر في كتب أهل الأصول وغيرهم بلفظ: "نحن معاشر الأنبياء، لا نورث"، فقد أنكره جماعة من الأئمة، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ "نحن"، لكن أخرجه النسائيّ من طريق ابن عيينة، عن أبي الزناد، بلفظ: "إنا معاشر الأنبياء لا نورث … " الحديث أخرجه عن محمد بن منصور، عن ابن عيينة، عن الزهريّ، وهو كذلك في "مسند الحميديّ"، عن ابن عيينة، وهو من أتقن أصحاب ابن عيينة فيه، وأورده الهيثم بن كُليب في "مسنده" من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - باللفظ المذكور، وأخرجه الطبرانيّ في "الأوسط" بنحو اللفظ المذكور، وأخرجه الدارقطنيّ في "العلل" من رواية أم هانئ، عن فاطمة - عليها السلام - عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بلفظ: "إن الأنبياء لا يورثون". انتهى (٢).


(١) "شرح السنديّ على النسائيّ" ٧/ ١٣٢.
(٢) "الفتح" ١٥/ ٤٢٦، كتاب "الفرائض" رقم (٦٧٣٠).