للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: وإنما ذكر الْهَجِين؛ لأنَّ مالكًا ذكر هذا الكلام في "الموطأ"، وفيه: "والهجين"، والمراد بالهجين: ما يكون أحد أبويه عربيًّا، والآخر غير عربيّ، وقيل: الهجين: الذي أبوه فقط عربيّ، وأما الذي أمه فقط عربية، فيسمى؛ الْمُقْرِف (١)، وعن أحمد: الهجين: البرذون، ويَحْتَمِل أن يكون أراد في الحكم.

وقد وقع لسعيد بن منصور، وفي "المراسيل" لأبي داود، عن مكحول: "أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَجَّن الهجين يوم خيبر، وعَرّب العراب، فجعل للعربيّ سهمين، وللهجين سهمًا"، وهذا منقطع، ويؤيده ما روى الشافعيّ في "الأم"، وسعيد بن منصور، من طريق عليّ بن الأقمر، قال: أغارت الخيل، فأدركت العرابُ، وتأخرت البراذن، فقام المنذر (٢) الوادعيّ، فقال: لا أجعل ما أَدْرَك كمن لَمْ يدرك، فبلغ ذلك عمر، فقال: هُبلت الوادعيَّ أمُّه، لقد أذكرت به، أمضوها على ما قال، فكان أوّل من أسهم للبراذين دون سهام العراب، وفي ذلك يقول شاعرهم [من الطويل]:

وَمِنَّا الَّذِي قَدْ سَنَّ فِي الْخَيْلِ سُنَّةً … وَكَانَتْ سَوَاءً قَبْلَ ذَاكَ سِهَامُهَا

وهذا منقطع أيضًا.

وقد أخذ أحمد بمقتضى حديث مكحول في المشهور عنه كالجماعة، وعنه: إن بلغت البراذين مبالغ العربية سُوِّي بينهما، وإلا فُضِّلت العربية، واختارها الجوزجانيّ، وغيره.

وعن الليث: يُسهَم للبرذون، والهجين، دون سهم الفرس.

وقوله: "ولا يُسْهَم لأكثر من فرس" هو بقية كلام مالك، وهو قول الجمهور، وقال الليث، وأبو يوسف، وأحمد، وإسحاق: يُسْهَم لفرسين، لا لأكثر، وفي ذلك حديث، أخرجه الدارقطنيّ بإسناد ضعيف، عن أبي عمرة، قال: أسهم لي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَرَسَيَّ أربعة أسهم، ولي سهمًا، فأخذت خمسة أسهم.


(١) "الْمُقْرِف" بصيغة اسم الفاعل، كمُحْسِنِ: الخيل الذي أمه عربيّة، لا أبوه. اهـ "ق".
(٢) كذا في "التوضيح" لابن الملقّن، ووقع في نسخة "الفتح": ابن المنذر، والظاهر أنه غلط، فليُحرّر.