قال الجامع عفا الله عنه: هذا المسلك الذي سلكه القرطبيّ مسلك مخالف لما كان عليه السلف، فإن مذهبهم إثبات ما أثبته الله تعالى، أو أثبته رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ظاهره من غير تأويل، ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تشبيه، ولا تعطيل، فنحن نقول بما قال به السلف، فنثبت لله - عَزَّ وَجَلَّ - من الاستواء على العرش، والنزول إلى سماء الدنيا كلّ ليلة، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢]، وغير ذلك من سائر الصفات العليّة ما أثبته لنفسه، إثباتًا حقيقيًّا كما ينبغي لجلاله وكماله وننزهه عن مشابهة خلقه، إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.