للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه (١)، وبقية الكلام على هذا الحديث في شرح حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي بعده - إن شاء الله تعالى -.

وقوله: (وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ الْمُثَنَّى: وَرُبَّمَا قَالَ: "قَضَيْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ" يعني: أن شيخه محمد بن المثنّى لَمْ يذكر في روايته التردّد؛ أي: قوله: "وربما قال … إلخ"، وإنما ذكره شيخاه: أبو بكر، وابن بشّار، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - هذا متَّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٢/ ٤٥٨٦ و ٤٥٨٧] (١٧٦٨)، و (البخاريّ) في "الجهاد" (٣٠٤٣) و"المناقب" (٣٨٠٤) و"المغازي" (٤١٢١) و"الاستئذان" (٦٢٦٢)، و (أبو داود) في "الأدب" (٥٢١٥ و ٥٢١٦)، و (النسائيّ) في "الكبرى"


(١) قد مضى غير مرّة أن الحقّ إثبات الفوقيّة لله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، كما أثبته لنفسه، في عدّة آيات من كتابه، وكما أثبته رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أحاديثه الصحيحة، وقد زلّ قلم القرطبيّ هنا في شرحه لهذا الحديث، حيث قال: والفوقية هنا راجعة إلى أن الله تعالى أظهر الحكم لمن هناك من ملائكته، أو أثبته في اللوح المحفوظ، ونسبة الفوقية المكانية إلى الله تعالى محال؛ لأنه منزه عن الفوقية، كما هو منزه عن التحتية؛ إذ كلّ ذلك من لوازم الأجرام، وخصائص الأجسام، ويتقدّس عنها الذي ليس كمثله شيء من جميع الأنام. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا المسلك الذي سلكه القرطبيّ مسلك مخالف لما كان عليه السلف، فإن مذهبهم إثبات ما أثبته الله تعالى، أو أثبته رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ظاهره من غير تأويل، ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تشبيه، ولا تعطيل، فنحن نقول بما قال به السلف، فنثبت لله - عَزَّ وَجَلَّ - من الاستواء على العرش، والنزول إلى سماء الدنيا كلّ ليلة، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢]، وغير ذلك من سائر الصفات العليّة ما أثبته لنفسه، إثباتًا حقيقيًّا كما ينبغي لجلاله وكماله وننزهه عن مشابهة خلقه، إثباتًا بلا تمثيل، وتنزيهًا بلا تعطيل، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.