هذا من القيام المنهيّ عنه، وإنما ذلك فيمن يقومون عليه، وهو جالس، ويَمْثُلون قيامًا طول جلوسه.
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاء فيه أحاديث، ولم يصح في النهي عنه شيء صريح. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وفي قوله:"ولم يصحّ … إلخ " نظر، سيأتي تحقيقه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى - وبالله تعالى التوفيق.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم القيام للقادم:
ذهب قوم إلى مشروعيّة القيام للقادم، واحتجّوا بحديث الباب.
وذهب قوم إلى المنع من ذلك، واحتجّوا بحديث أبي أمامة - رضي الله عنه - قال:"خرج علينا النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - متوكئًا على عصًا، فقمنا له، فقال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم بعضهم لبعض".
وأجاب عنه الطبريّ بأنه حديث ضعيف، مضطرب السند، فيه من لا يُعْرَف.
واحتجّوا أيضًا بحديث عبد الله بن بُريدة، أن أباه دخل على معاوية، فأخبره أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"مَن أحب أن يتمثّل له الرجال قيامًا، وجبت له النار".
وأجاب عنه الطبريّ بأن هذا الخبر إنما فيه نهيُ من يقام له عن السرور بذلك، لا نهيَ من يقوم له إكرامًا له.
وأجاب عنه ابن قتيبة بأن معناه: من أراد أن يقوم الرجال على رأسه كما يقام بين يدي ملوك الأعاجم، وليس المراد به: نهي الرجل عن القيام لأخيه، إذا سلّم عليه.
واحتَجّ ابن بطال للجواز بما أخرجه النسائيّ، من طريق عائشة بنت طلحة، عن عائشة - رضي الله عنها -: "كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا رأى فاطمة بنته قد أقبلت، رَحّب بها، ثم قام، فقبّلها، ثم أخذ بيدها، حتى يُجلسها في مكانه".