للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المنقول عن ابن قتيبة، فترجم أَوّلًا: "باب قيام الرجل لأخيه"، وأورد الأحاديث الثلاثة التي أشرت إليها، ثم ترجم: "باب قيام الرجل للرجل القاعد"، و"باب مَن كَرِه أن يقعد، ويقوم له الناس"، وأورد فيهما حديث جابر: "اشتكى النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فصلّينا وراءه، وهو قاعد، فالتفت إلينا، فرآنا قيامًا، فأشار إلينا، فقعدنا، فلمّا سلّم قال: إن كدتم لتفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم، وهم قعود، فلا تفعلوا"، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم، وترجم البخاريّ أيضًا: "قيام الرجل للرجل تعظيمًا"، وأورد فيه حديث معاوية، من طريق أبي مِجلز.

ومحصّل المنقول عن مالك إنكار القيام ما دام الذي يقام لأجله لَمْ يجلس، ولو كان في شغل نفسه، فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها، فتتلقاه، وتنزع ثيابه، وتقف حتى يجلس، فقال: أما التلقي فلا بأس به، وأما القيام حتى يجلس فلا، فإن هذا فعل الجبابرة، وقد أنكره عمر بن عبد العزيز.

وقال الخطابيّ: في حديث الباب: جواز إطلاق السيد على الخيِّر الفاضل، وفيه أن قيام المرءوس للرئيس الفاضل، والإمام العادل، والمتعلم للعالم مستحبّ، وإنما يُكره لمن كان بغير هذه الصفات، ومعنى حديث: "مَن أحبّ أن يقام له"؛ أي: بأن يُلزمهم بالقيام له صفوفًا على طريق الكبر، والنخوة.

ورجَّح المنذريّ ما تقدم من الجمع عن ابن قتيبة، والبخاريّ، وأن القيام المنهيّ عنه أن يقام عليه، وهو جالس.

وقد رَدّ ابن الْقَيِّم في "حاشية السنن" على هذا القول بأن سياق حديث معاوية يدلّ على خلاف ذلك، وإنما يدلّ على أنَّه كَرِه القيام له لَمّا خرج تعظيمًا، ولأن هذا لا يقال له: القيام للرجل، وإنما هو القيام على رأس الرجل، أو عند الرجل، قال: والقيام ينقسم إلى ثلاث مراتب: قيام على رأس الرجل، وهو فعل الجبابرة، وقيام إليه عند قدومه، ولا بأس به، وقيام له عند رؤيته، وهو المتنازَع فيه.

قال الحافظ: وَوَرَد في خصوص القيام على رأس الكبير الجالس ما