واحتجّ النووي أيضًا بما أخرجه مالك في قصّة عكرمة بن أبي جهل، أنه لمّا فَرّ إلى اليمن يوم الفتح، ورحلت امرأته إليه، حتى أعادته إلى مكة مسلمًا، فلما رآه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وثب إليه فرحًا، وما عليه رداء.
وبقيام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا قَدِم جعفر من الحبشة، فقال: ما أدري بأيهما أنا أُسَرّ: بقدوم جعفر، أو بفتح خيبر؟.
وبحديث عائشة - رضي الله عنها -: قَدِم زيد بن حارثة المدينة، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، فقرع الباب، فقام إليه، فاعتنقه، وقبّله.
وأجاب ابن الحاجّ بأنها ليست من محل النزاع، كما تقدم.
واحتجّ أيضًا بما أخرجه أبو داود، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال:"كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يحدّثنا، فإذا قام قمنا قيامًا حتى نراه قد دخل".
وأجاب ابن الحاجّ بأن قيامهم كان لضرورة الفراغ؛ ليتوجهوا إلى أشغالهم، ولأن بيته كان بابه في المسجد، والمسجد لم يكن واسعًا إذ ذاك، فلا يتأتى أن يستووا قيامًا الا وهو قد دخل.
قال الحافظ: كذا قال، والذي يظهر لي في الجواب أن يقال: لعل سبب تأخيرهم حتى يدخل لِمَا يَحْتَمِل عندهم من أمر يحدُث له حتى لا يحتاج إذا تفرقوا أن يتكلف استدعاءهم، ثم راجعت "سنن أبي داود"، فوجدت في آخر الحديث ما يؤيد ما قلته، وهو قصّة الأعرابيّ الذي جَبَذَ رداءه - صلى الله عليه وسلم -، فدعا رجلًا، فأمره أن يَحمل له على بعيره تمرًا وشعيرًا، وفي آخره:"ثم التفت إلينا، فقال: انصرفوا رحمكم الله تعالى".
ثم احتجّ النوويّ بعمومات تنزيل الناس منازلهم، وإكرام ذي الشيبة، وتوقير الكبير.
واعترضه ابن الحاجّ بما حاصله: أن القيام على سبيل الإكرام داخل في العمومات المذكورة، لكن محل النزاع قد ثبتٌ النهي عنه، فيُخَصّ من العمومات.
واستدل النوويّ أيضًا بقيام المغيرة بن شعبة على رأس النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالسيف.