للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونحوه، فانتفض؛ أي: تحرّك لذلك، ونفضتُ الْوَرَقَ من الشجرة نَفْضًا: أسقطته، والنَّفَضُ بفتحتين: ما تساقط، فَعَلٌ بمعنى مفعول (١).

(فَقَالَ) جبريل عليه السلام (وَضَعْتَ السِّلَاحَ) الخطاب للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو بتقدير الاستفهام، على جهة الإنكار، كما تقدّم من مرسل يزيد بن الأصمّ بلفظ: "فقال له جبريل: عفا الله عنك وضعت السلاح، ولَمْ تضعه ملائكة الله؟ " (وَاللهِ مَا وَضَعْنَاهُ) يعني الملائكة، وفيه إشارة إلى أن الملائكة أمدّت المسلمين في غزوة الخندق، ثم بعدها في غزوة قريظة، إلا أنه لم يُذكر أنها قاتلت فيها.

(اخْرُجْ إِلَيْهِمْ)؛ أي: إلى قتالهم، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، "فَأَيْنَ؟ " أي: أين القوم الذين أخرج إليهم؟ (فَأَشَارَ اِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ)؛ أي: فانت مأمور بقتالهم؛ لكونهم نقضوا العهد، ومالئوا المشركين، وأمدّوهم في غزوة الأحزاب، وسبب ذلك أنه لمّا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حفر الخندق أقبلت قريش، في نحو عشرة آلاف بمن معهم من كنانة، وأهل تهامة، وأقبلت غطفان بمن معها، من أهل نجد، حتى نزلوا إلى جانب أُحد، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون حتى نزلوا بظهر سَلْع (٢) في ثلاثة آلاف، وضربوا عسكرهم، والخندق بينهم وبين المشركين، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم - في قول ابن شهاب - وخرج عدوّ الله حُيَيّ بن أخطب النَّضْريّ حتى أتى كعب بن أسد الْقُرَظيّ، وكان صاحب عقد بني قريظة، ورئيسهم، وكان قد وادع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعاقده وعاهده، فلما سمع كعب بن أسد حيي بن أخطب أغلق دونه باب حصنه، وأبى أن يفتح له، فقال له: افتح لي يا أخي، فقال له: لا أفتح لك، فإنك رجل مشئوم، تدعوني إلى خلاف محمد، وأنا قد عاقدته وعاهدته، ولم أر منه إلا وفاءً وصدقًا، فلست بناقض ما بيني وبينه.

فقال حيُيّ: افتح لي حتى أكلمك، وأنصرف عنك، فقال: لا أفعل، فقال: إنما تخاف أن آكل معك جَشِيشتك، فغضب كعب، وفتح له، فقال: يا كعب! إنما جئتك بعزّ الدهر، جئتك بقريش وسادتها، وغطفان وقادتها، قد تعاقدوا على أن يستأصلوا محمدًا ومن معه، فقال له كعب: جئتني والله بذلّ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٨.
(٢) اسم جبل بالمدينة.