للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدهر وبجهام (١) لا غيث فيه! ويحك يا حيي، دعني فلست بفاعل ما تدعوني إليه، فلم يزل حيي بكعب يَعِدُه وَيغُرّه حتى رجع إليه وعاقده على خذلان محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأن يسير معهم، وقال له حيي بن أخطب: إن انصرفت قريش وغطفان دخلت عندك بمن معي من اليهود … إلى آخر قصّتهم (٢).

(فَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وللبخاريّ: "فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "؛ أي: فحاصرهم، ورَوَى ابن عائذ من مرسل قتادة، قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديًا ينادي، فنادى: يا خيل الله اركبي"، وفي رواية أبي الأسود، عن عروة عند الحاكم، والبيهقيّ: "وبعث عليًّا على المقدمة، ودفع إليه اللواء، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أثره"، وعند موسى بن عقبة نحوه، وزاد: "وحاصرهم بضع عشرة ليلة"، وعند ابن سعد: "خمس عشرة"، وفي حديث علقمة بن وقاص المذكور: "خمسًا وعشرين"، ومثلها عند ابن إسحاق، عن أبيه، عن معبد بن كعب: "قال: حاصرهم خمسًا وعشرين ليلة، حتى أجهدهم الحصار، وقذف في قلوبهم الرعب، فعَرَضَ عليهم رئيسهم كعب بن أسد أن يؤمِنوا، أو يقتُلوا نساءهم، وأبناءهم، ويخرجوا مستقتلين، أو يبيّتوا المسلمين ليلة السبت، فقالوا: لا نؤمن، ولا نستحل ليلة السبت، وأيّ عيش لنا بعد أبنائنا ونسائنا؟ فأرسلوا إلى أبي لبابة بن عبد المنذر، وكانوا حلفاءه، فاستشاروه في النزول على حكم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأشار إلى حَلْقه؛ يعني: الذبح، ثم نَدِمَ، فتوجه إلى مسجد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فارتبط به، حتى تاب الله عليه" (٣).

(فَنَزَلُوا عَلَى حُكْم رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ) قال في "الفتح": كأنهم أذعنوا للنزول على حكمه - صلى الله عليه وسلم -، فلما سأله الأنصار فيهم رَدَّ الحكم إلى سعد، ووقع بيان ذلك عند ابن إسحاق، قال: "لمّا اشتَدَّ بهم الحصار أذعنوا إلى أن ينزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتواثبت الأوس، فقالوا: يا رسول الله قد فعلت في موالي الخزرج - أي: بني قينقاع -


(١) "الجِهام": سحاب لا ماء فيه.
(٢) راجع: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبيّ ١٤/ ١٣١ - ١٣٢.
(٣) "الفتح" ٩/ ٢١٥، كتاب "المغازي" رقم (٤١٢٢).