للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كان المستقبل غير حاصل في وقته ذلك لبَّس بتطريق الاحتمال، تمويهًا بما يعلم خلافه. انتهى (١).

[تنبيه]: يجوز في "غير" الرفع، والنصبُ، أما الرفع فعلى كونه صفة لـ"كلمة"، وأما النصب فعلى كونه صفة لقوله: "شيئًا".

واعتُرِض كيف يكون "غير" صفة لهما، وهما نكرتان، و"غير" مضاف إلى المعرفة؟

وأجيب: بأن "غير" لا يتعرف بالإضافة، إلا إذا اشتهر المضاف بمغايرة المضاف إليه، وههنا ليس كذلك، قاله في "العمدة" (٢).

وقال في "الفتح" عند قول البخاريّ: "قوله: "ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئًا أي: أنتقصه به، على أن التنقيص هنا أمر نسبيّ، وذلك أن من يُقْطَع بعدم غدره أرفع رتبةً ممن يجوز وقوع ذلك منه في الجملة، وقد كان معروفًا عندهم بالاستقراء من عادته أنه لا يغدر، ولمّا كان الأمر مغيّبًا؛ لأنه مستقبَل أَمِنَ أبو سفيان أن يُنسَبَ في ذلك إلى الكذب، ولهذا أورده بالتردّد، ومن ثَمّ لم يُعَرِّج هرقل على هذا القدر منه، وقد صَرَّح ابن إسحاق في روايته عن الزهريّ بذلك، بقوله: "قال: فوالله ما التفت إليها مني"، ووقع في رواية أبي الأسود، عن عروة مرسلًا: "خرج أبو سفيان إلى الشام … " فذكر الحديث إلى أن قال: "فقال أبو سفيان: هو ساحرٌ كذّاب، فقال هرقل: إني لا أريد شتمه، ولكن كيف نَسَبه … " إلى أن قال: "فهل يغدر إذا عاهد؟ قال: لا، إلا أن يغدر في هُدنته هذه، فقال: وما يُخاف من هذه؟ فقال: إن قومي أمَدُّوا حلفاءهم على حلفائه، قال: إن كنتم بدأتم فأنتم أغدر". انتهى (٣).

(قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟)؛ يعني: سَبَقه أحد من قريش، أو العرب ادّعى ما ادّعاه من النبوّة، حتّى يتّبعه في ذلك؛، وفي رواية للبخاريّ: "فهل قال هذا القول منكم أحدٌ قطّ قبله؟ "، قال في "الفتح": وللكشميهنيّ، والأصيليّ بدل "قبله": "مثله فقوله: "منكم"؛ أي: من قومكم؛ يعني:


(١) "المفهم" ٣/ ٦٠٤.
(٢) "عمدة القاري" ١/ ١٥٦.
(٣) "الفتح" ١/ ٧٦.