للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إظهار دينه، وتمام نعمته، فله الحمد والمنّة (١).

(وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ فَزَعَمْتَ أنَّكُمْ قَدْ قَاتَلْتُمُوهُ، فَتَكُونُ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالًا)؛ أي: نُوَبًا، (يَنَالُ مِنْكُمْ) كيوم بدر (وَتَنَالُونَ مِنْهُ) كيوم أُحد، (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى)؛ أي: بقومها، ومحاربتهم لها، قال القرطبيّ رحمه الله: ابتلاء الرسل بنحو ما ذُكِر إنما هو ترفيع لدرجاتهم، وستر لأحوالهم، حتى لا يصير العلم بهم ضروريًّا، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ)؛ أي: الخاتمة الحسنة، وفي بعض النسخ: "ثمّ تكون لها العاقبة" بإفراد ضمير المؤنّث، باعتبار الجماعة، قال النوويّ رحمه الله: معناه: يبتليهم الله تعالى بذلك؛ لِيَعْظُم أجرهم بكثرة صبرهم، وبَذْلهم وُسْعهم في طاعة الله تعالى.

(وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أنَّهُ لَا يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ)؛ أي: لأنها لا تطلب حظّ الدنيا الذي لا يبالي طالبه بالغدر، بخلاف من طلب الآخرة، ولم يُعَرِّج هرقل على الدسيسة التي دَسَّها أبو سفيان، كما تقدم.

[فائدة]: قال المازريّ: هذه الأشياء التي سأل عنها هرقل ليست قاطعة على النبوة، إلا أنه يَحْتَمِل أنها كانت عنده علامات على هذا النبيّ بعينه؛ لأنه قال بعد ذلك: "قد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنّ أنه منكم"، قال الحافظ: وما أورده احتمالًا جَزَم به ابن بطال، وهو ظاهر. انتهى (٢).

(وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قُلْتُ) وللبخاريّ: "فقلت"، قال في "الفتح": وإنما لم يقل هرقل: "فقلت" إلا في هذا، وفي قوله: "هل كان من آبائه ملك؟ "؛ لأن هذين المقامين مقام فكر ونظر، بخلاف غيرهما من الأسئلة، فإنها مقام نَقْل. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "هل قال هذا القول أحد قبله؟ " يعني: من عرب قومه، وإلا فالرسل كثير، وقد كان في العرب غير قومه رسل، كهود،


(١) "الفتح" ١/ ٧٨.
(٢) "الفتح"١/ ٧٨.
(٣) "الفتح" ١/ ٧٧.