للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرأه": ظاهره أن هرقل هو الذي قرأ الكتاب، ويَحْتَمِل أن يكون الترجمان قرأه، ونُسبت قراءته إلى هرقل مجازًا؛ لكونه الآمر به، وفي رواية للبخاريّ في "الجهاد" بلفظ: "ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرئ"، وفي مرسل محمد بن كعب القُرَظيّ عند الواقديّ، في هذه القصة: "فدعا الترجمان الذي يقرأ بالعربية، فقرأه"، ووقع في رواية "الجهاد" ما ظاهره أن قراءة الكتاب وقعت مرتين، فإن في أوله: "فلما جاء قيصرَ كتابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال حين قرأه: التمسوا لي ها هنا أحدًا من قومه؛ لأسالهم عنه، قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان أنه كان بالشام، في رجال من قريش - فذكر القصّة إلى أن قال -: ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرئ"، والذي يظهر لي أن هرقل قرأه بنفسه أوّلًا، ثم لَمّا جمع قومه، واْحضر أبا سفيان، ومن معه، وسأله، وأجابه، أمر بقراءة الكتاب على الجميع.

ويَحْتَمِل أن يكون المراد بقوله أوّلًا: "فقال حين قرأه أي: قرأ عنوان الكتاب؛ لأن كتاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان مختومًا بخَتْمه، وخَتْمه: "محمد رسول الله ولهذا قال: إنه يسأل عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبيّ، ويؤيد هذا الاحتمال أن من جملة الأسئلة قول هرقل: "بم يأمركم؟، فقال أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئًا"، وهذا بِعَيْنه في الكتاب، فلو كان هرقل قرأه أوّلًا ما احتاج إلى السؤال عنه ثانيًا، نعم يَحْتَمِل أن يكون سأل عنه ثانيًا مبالغةً في تقريره. انتهى (١).

(فَإِذَا فِيهِ: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قال النوويّ: فيه استحباب تصدير الكتب بـ"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وإن كان المبعوث إليه كافرًا، ويُحْمَل قوله في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بحمد الله، فهو أقطع"؛ أي: بذكر الله كما جاء في رواية أخرى، فإنه رُوي على أوجه: "بذكر الله"، "ببسم الله"، "بحمد الله"، قال: وهذا الكتاب كان ذا بال من المهمات العظام، ولم يبدأ فيه بلفظ الحمد، بل بالبسملة. انتهى (٢).

قال الحافظ رحمه الله: والحديث الذي أشار إليه أخرجه أبو عوانة في


(١) "الفتح" ٩/ ٧٢٩.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٠٧ - ١٠٨.