للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأَرّس بالتشديد يؤرِّس، فهو إِرِّيسٌ (١)، وقال الأزهريّ: بالتخفيف، وبالتشديد: الأكّار، لغة شامية، وكان أهل السواد أهل فِلاحة، وكانوا مجوسًا، وأهل الروم أهل صِناعة، فأُعلموا بأنهم، وإن كانوا أهل كتاب، فإنّ عليهم إن لم يؤمنوا من الإثم إثم المجوس. انتهى، وهذا توجيه آخر لم يتقدم ذكره، وحَكَى غيره أن الأريسيين يُنسبون إلى عبد الله بن أَرِيس رجل كان تعظمه النصارى، ابتدع في دينهم أشياء مخالفة لدين عيسى عليه السلام، وقيل: إنه من قوم بُعث إليهم نبيّ، فقتلوه، فالتقدير على هذا: فإن عليك مثل إثم الأريسيين، وذكر ابن حزم أن أتباع عبد الله بن أَرِيس كانوا أهل مملكة هرقل، وردّه بعضهم بأن الأريسيين كانوا قليلًا، وما كانوا يُظهرون رأيهم، فإنهم كانوا يُنكرون التثليث، قال الحافظ: وما أظن قول ابن حزم إلا عن أصل، فإنه لا يجازف في النقل.

ووقع في رواية الأصيليّ: "اليريسيين" بتحتانية في أوله، وكأنه بتسهيل الهمزة، وقال ابن سِيدَهْ في "المحكم": الأريس: الأكّار عند ثعلب، والأمين عند كراع، فكأنه من الأضداد؛ أي: يقال للتابع والمتبوع، والمعنى في الحديث صالح على الرأيين، فإن كان المراد: التابع، فالمعنى: إن عليك مثل إثم التابع لك على ترك الدخول في الإسلام، وإن كان المراد: المتبوع، فكأنه قال: فإن عليك إثم المتبوعين، وإثمُ المتبوعين يضاعَف باعتبار ما وقع لهم من عدم الإذعان إلى الحقّ، من إضلال أتباعهم.

وقال النوويّ: نَبَّه بذكر الفلاحين على بقية الرعية؛ لأنهم الأغلب، ولأنهم أسرع انقيادًا.

وتُعُقّب بأن من الرعايا غير الفلاحين من له صرامةٌ، وقُوّة، وعشيرة، فلا يلزم من دخول الفلاحين في الإسلام دخول بقية الرعايا، حتى يصحّ أنه نبّه بذكرهم على الباقين.


(١) قال في "القاموس": الإِرْسُ بالكسر: الأصل الطيِّب، والأَرِيسيّ، والإِرِّيسُ، كجَلِيسٍ، وسِكِّيتٍ: الأكّار، جمعه أَرِيسون، وإِرِّيسُونَ، وأَرارسةٌ، وأراريس، وأَرارس، وأَرَسَ يَأْرِس أَرْسًا - أي: من باب ضرب - وأرّس تأريسًا: صار أَريسًا، وكسِكِّيتٍ: الأمير. انتهى.