للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: قيل: في هذا دليل على جواز قراءة الجُنُب للآية، أو الآيتين، وبإرسال بعض القرآن إلى أرض العدوّ، وكذا بالسفر به، وأغرب ابن بطال، فادَّعَى أن ذلك نُسِخ بالنهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدوّ، وَيحتاج إلى إثبات التاريخ بذلك.

ويَحْتَمِل أن يقال: إن المراد بالقرآن في حديث النهي عن السفر به: المصحف، وأما الجنب فيَحْتَمِل أن يقال: إذا لم يقصد التلاوة جاز، على أن في الاستدلال بذلك من هذه القصّة نظرًا، فإنها واقعة عين، لا عموم فيها، فيُقيّد الجواز على ما إذا وقع احتياج إلى ذلك؛ كالإبلاغ، والإنذار، كما في هذه القصّة، وأما الجواز مطلقًا حيث لا ضرورة، فلا يتجه، قاله في "الفتح" (١).

[تنبيه آخر]: قد اشتَمَلت هذه الْجُمَل القليلة التي تضمَّنها هذا الكتاب (٢) على الأمر بقوله: "أسلم"، والترغيب بقوله: "تَسلَم، ويؤتك"، والزجر بقوله: "فإن توليت"، والترهيب بقوله: "فإن عليك"، والدلالة بقوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ}، وفي ذلك من البلاغة ما لا يخفى، وكيف لا؛، وهو كلام من أُوتي جوامع الكلم - صلى الله عليه وسلم - (٣).

({تَعَالَوْا}) - بفتح اللام - وأصله تعاليوا، تقول: تَعَالَ، تعاليا، تعالَيُوا، قُلبت الياء ألفًا؛ لتحرّكها، وانفتاح ما قبلها، ثم حُذفت؛ لالتقاء الساكنين، فصار: تَعَالَوْا، والمراد من أهل الكتاب أهل الكتابين: اليهود، والنصارى، وقيل: وفد نَجْران، وقيل: يهود المدينة، قاله في "العمدة" (٤).

({إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ})؛ أي: مستوية بيننا وبينكم، لا يختلف فيها القرآن، والتوراة، والإنجيل، وتفسير الكلمة قوله: ({أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ})؛ يعني: تعالَوْا إليها، حتى لا نقول: عزير ابن الله، ولا المسيح ابن الله؛ لأن كلّ واحد منهما بَشَرٌ


(١) " الفتح" ١/ ٨٣.
(٢) أي: الكتاب الذي كتبه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل، وقُرئ عليه.
(٣) "الفتح" ١/ ٨٣.
(٤) "عمدة القاري" ١/ ١٥٨.