للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): أنه يستفاد من قوله: "إلى عظيم الروم" ملاطفة المكتوب إليه، وتعظيمه، وإنما لم يقل: إلى ملك الروم؛ لأنه معزول عن الحكم بحكم دين الإسلام، ولا سلطنة لأحد إلا من قِبَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما لم يقل: إلى هرقل فقط؛ ليكون فيه نوع من الملاطفة، فقال: "عظيم الروم"؛ أي: الذي تعظّمه الروم، وقد أمر الله تعالى بتليين القول لمن يُدْعَى إلى الإسلام، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥] وقال: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: ٤٤] (١).

٣ - (ومنها): مشروعيّة مكاتبة الكفّار، وقد كاتب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سبعة من الملوك، فيما قاله الداوديّ: هرقل، وكسرى، والنجاشيّ، والمقوقس، وملك غسّان، وهوذة بن عليّ، والمنذر بن ساوى.

٤ - (ومنها): أن فيه دليلًا لمن قال بجواز معاملة الكفار بالدراهم المنقوشة، فيها اسم الله تعالى؛ للضرورة، وإن كان عن مالك الكراهة؛ لأن ما في هذا الكتاب أكثر مما في هذا المنقوش، من ذِكْر الله تعالى.

٥ - (ومنها): أن فيه وجوبَ العمل بخبر الواحد، وإلا لم يكن لِبَعْثه مع دحية فائدة، مع غيره من الأحاديث الدالة عليه.

٦ - (ومنها): أن خبر الجماعة أوقع من خبر الواحد، ولا سيّما إذا كانوا جَمْعًا يقع العلم بخبرهم، وهذه مأخوذة من قوله: "وقرّبوا أصحابه، فاجعلوهم عند ظهره" (٢).

٧ - (ومنها): أن فيه حجةً لمن منع أن يبتدأ الكافر بالسلام، وهو مذهب الشافعيّ، وأكثر العلماء، وأجازه جماعة مطلقًا، وجماعة للاستئلاف، أو الحاجة، وقد جاء عنه النهي في الأحاديث الصحيحة، وفي "صحيح مسلم": أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام"، الحديث، وقال البخاريّ وغيره: ولا يسلِّم على المبتدع، ولا على من اقترف ذنبًا كبيرًا، ولم


(١) "التوضيح" ٢/ ٤١٨ - ٤١٩.
(٢) "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقّن رحمه الله ٢/ ٤١٣.