للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأخرى أنه نَزَل إلى الأرض حين غَشُوه، وهذه مبالغة في الثبات، والشجاعة، والصبر، وقيل: فَعَل ذلك مواساةً لمن كان نازلًا على الأرض، من المسلمين، وقد أخبرت الصحابة - رضي الله عنهم - بشجاعته - صلى الله عليه وسلم - في جميع المواطن، وفي "صحيح مسلم": قال البراء - رضي الله عنه -: "كنّا والله إذا احمرّ البأس نتّقي به، وإن الشجاع منا الذي يُحاذي - صلى الله عليه وسلم - " (١).

(قَالَ عَبَّاسٌ) - رضي الله عنه - (وَأَنَا آخِذٌ بِلِجَامِ) - بكسر اللام، ككتاب -: الحديدة التي تُجعل في فم الدابّة، (بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَكُفُّهَا) جملة حاليّة من "بغلة"؛ أي: أمنعها من السير (إِرَادَةَ أَنْ لَا تُسْرعَ) بنصب "إرادةَ" على أنه مفعول من أجله، كما قال في "الخلاصة":

يُنْصَبُ مَفْعُولًا لَهُ الْمَصْدَرُ إِنْ … أَبَانَ تَعْلِيلًا كـ "جُدْ شُكْرَا وَدِنْ"

(وَأبُو سُفْيَانَ) بن الحارث (آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) جملة اسميّة في محلّ نصب على الحال، و"الركاب": الحديدة التي يضع الراكب فيها قدمه، (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيْ عَبَّاسُ) "أَيْ" حرف لنداء القريب، وقيل: للأوسط، وقيل: للبعيد، وقد ذكرت ذلك بقولي:

"أَيْ" لِنَدَا الْقَرِيبِ أَوْ لِلأَوْسَطِ … أَوِ الْبَعِيدِ اخْتَلَفُوا فَلْتَضْبِطِ

(نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ") - بفتح السين المهملة، وضمّ الميم -: واحد السَّمُر، كرَجُل: شجر الطَّلْح، وهو نوع من الْعِضَاه، وقال المرتضى في "التاج": والسمُر - بضمّ الميم - شجر معروف، صغار الورق، قصار الشوك، وله بَرَمَة (٢) صفراء، يأكلها الناس، وليس في العضاه شيء أجود خشبًا من السمر، يُنقل إلى القرى، فتُغمى به البيوت. انتهى (٣).

والمراد هنا الشجرة التي بايعوه - صلى الله عليه وسلم - تحتها بيعة الرضوان، ومعناه: نادِ أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية التي أنزل الله تعالى فيها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: ١٨]، وإنما ناداهم بأصحاب


(١) شرح النوويّ" ١٢/ ١٢٠ - ١٢١.
(٢) في "القاموس": الْبَرَمُ: محرّكة: ثمر العضاه.
(٣) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٣/ ٢٧٨.