للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إليهم، فـ "في "بمعنى "إلى" (يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَار، يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ) كُرّر للتأكيد. (قَالَ) عبّاس (ثُمَّ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ) ببناء الفعل للمفعول، (عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَج، فَقَالُوا: يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَج، يَا بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ) وفي رواية ابن هشام في "السيرة": وكانت الدعوة أوّل ما كانت: يا للأنصار، ثم خلصت أخيرًا: يا للخزرج، وكانوا صُبْرًا عند الحرب. انتهى (١).

وفي رواية أبي عوانة الآتية: "قال العتاس: فناديتُ، فخَلَصت الدعوة إلى الأنصار، إلى بني الحارث بن الخزرج، فأقبلوا. . ." الحديث.

(فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ؛ كالمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا)؛ أي: على بغلته؛ أي: المشرف والمتطلّع فوقها، (إِلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَذَا حِينَ حَمِيَ) - بفتح، فكسر - يقال: حَمِيت الحديدة تَحْمَى، من باب تعبَ، فهي حامية: إذا اشتدّ حرّها بالنار، ويُعدّى بالهمزة، فيقال: أحميتها، فهي مُحماةٌ، ولا يقال: حَمَيتُها بغير ألف (٢). (الْوَطيسُ") - بفتح الواو، وكسر الطاء المهملة، وبالسين المهملة -.

والمعنى: أن هذا الوقت وقت اشتداد الحرب، فـ "هذا" مبتدأ، و"حين" خبره، وهو مبنيّ على الفتح؛ لإضافته إلى الجملة الماضويّة، على حدّ قول الشاعر [من الطويل]:

عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ الْمَشِيبَ عَلَى الصِّبَا … فَقُلْتُ أَلَمَّا أَصْحُ وَالشَّيْبُ وَارعُ

وقد روي البيت: "على حينِ" بالكسر على الإعراب، ويجوز أيضًا هنا إعراب "حين" بالرفع؛ والأول هو المختار، وإلى هذا أشار ابن مالك رحمه الله في "الخلاصة"، فقال:

وَابْنِ أَوَ اعْرِبْ مَا كـ "إِذْ" قَدْ أُجْرِيَا … وَاخْتَرْ بِنَا مَتْلُوِّ فِعْلٍ بُنِيَا

وَقَبْلَ فِعْلٍ مُعْرَبٍ أَوْ مُبْتَدَا … أَعْرِبْ وَمَنْ بَنَى فَلَنْ يُفَنَّدَا

وفي رواية ابن هشام: "الآن حين حمي الوطيس"، قال السهيليّ: والوطيس: نُقْرة في حجر توقد حوله النار، فيُطبخ به اللحم، والوطيس: التَّنُّور، وفي غزوة أوطاس قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الآن حمي الوطيس"، وقال ذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) "سيرة ابن هشام" ٢/ ٢٩٠.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٥٣.