وأشباه هذا. قال ابن القطاع: وهذا الذي زعمه الأخفش وغيره غَلَطٌ بَيِّنٌ، وذلك لأن الشاعر إنما سُمّي شاعرًا؛ لوجوه: منها أنه شَعَر القول، وقصده، وأراده، واهتدى إليه، وأتى به كلامًا موزونًا على طريقة العرب، مُقَفًّى، فإن خلا من هذه الأوصاف، أو بعضها لم يكن شعرًا، ولا يكون قائله شاعرًا، بدليل أنه لو قال كلامًا موزوًا على طريقة العرب، وقصد الشعر، وأراده ولم يُقَفِّه لم يُسَمَّ ذلك الكلام شعرًا، ولا قائله شاعرًا، بإجماع العلماء، والشعراء، وكذا لو قَفّاه، وقصد به الشعر، ولكن لم يأت به موزونًا لم يكن شعرًا، وكذا لو أَتَى به موزونًا مقفًّى لكن لم يقصد به الشعر، لا يكون شعرًا، ويدلّ عليه أن كثيرًا من الناس يأتون بكلام موزون مقفى، غير أنهم ما قصدوه، ولا أرادوه، لا يسمى شعرًا، وإذا تُفُقِّد ذلك وُجد كثيرًا في كلام الناس، كما قال بعض السُّؤَّال: اخْتِمُوا صَلَاتَكُمْ بِالدُّعَاءِ وَالصَّدَقَة، وأمثال هذا كثيرة فدلّ على أن الكلام الموزون لا يكون شعرًا إلا بالشروط المذكورة، وهي القصد وغيره مما سبق، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يقصد بكلامه ذلك الشعر، ولا أراده، فلا يُعَدّ شعرًا، وإن كان موزونًا. انتهى (١)، وهو تحقيق نفيس جدًّا، والله أعلم.
وقال القرطبيّ رحمه الله: لا يقال: كيف يصح أن ينسب هذا الشعر للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع قوله تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ}[يس: ٦٩]؟ لأنا نجيب عن ذلك بأوجه: