للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد تمسك به الإمام ابن حبان، فقال بعد إيراد حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الماضي في "صحيحه": قوله جلّ وعلا: "إذا همّ عبدي" أراد به إذا عزم، فسمّى العزم همًّا؛ لأن العزم نهاية الهمّ، والعرب في لغتها تُطلق اسم البداءة على النهاية، واسم النهاية على البداءة؛ لأن الهمّ لا يُكتب على المرء؛ لأنه خاطرٌ، لا حُكْمَ له.

قال: ويحتمل أن يكون الله يكتب لمن همّ بالحسنة الحسنةَ، وإن لم يَعْزِم عليها، ولا عملها؛ لفضل الإسلام، فتوفيق الله تعالى العبدَ للإسلام فضلٌ تفضّل به عليه، وكتابته ما همّ به من الحسنات، ولَمّا يعملها فضل، وكتابته ما همّ به من السيّئات، ولَمّا يعملها أو كتبها لكان عدلًا، وفضله قد سَبَقَ عدلَهُ، كما أن رحمته سبقت غضبه، فمن فضله، ورحمته ما لم يُكتب على صبيان المسلمين ما يعملون من سيئّة قبل البلوغ، وكتب لهم ما يعملونه من حسنة، كذلك هذا ولا فرق. انتهى كلام ابن حبّان (١).

(بِحَسَنَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا) يتناول نفي عمل الجوارح، وأما عَمَلُ القلب،


= حدثنا عبد الرحمن بن مهديّ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، عن الرُّكَين بن الرَّبِيع، عن أبيه، عن عمه فلان بن عَمِيلة، عن خُرَيم بن فاتك الأسديّ، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الناس أربعة، والأعمال ستة، فالناس: مُوَسَّعٌ عليه في الدنيا والآخرة، وموسع له في الدنيا، مقتور عليه في الآخرة، ومقتور عليه في الدنيا، موسع عليه في الآخرة، وشَقِيٌّ في الدنيا والآخرة، والأعمال: موجبتان، ومثل بمثل، وعشرة أضعاف، وسبعمائة ضعف، فالموجبتان: من مات مسلمًا مؤمنًا، لا يشرك بالله شيئًا، فوجبت له الجنة، ومن مات كافرًا، وجبت له النار، ومن همّ بحسنة، فلم يعملها، فعلم الله أنه قد أشعرها قلبه، وحَرَصَ عليها، كُتبت له حسنة، ومن همّ بسيئة، لم تكتب عليه، ومن عملها كتبت واحدة، ولم تضاعف عليه، ومن عمل حسنة، كانت له بعشر أمثالها، ومن أنفق نفقة في سبيل الله، كانت له بسبعمائة ضعف".
وهو حديث صحيح، رجاله كلهم ثقات، وفلان بن عَمِيلة، هو يُسير بن عَمِيلة، كما صرّح به ابن حبّان في "صحيحه" ١٠/ ٥٠٤ رقم (٤٦٤٧)، وهو ثقة من الطبقة الثالثة، كما في "التقريب" ص ٣٨٦.
(١) راجع: "الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان" ٢/ ١٠٧.