للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق من كلام الحفّاظ المتقنين أن الصواب في حديث الباب أنه من رواية عبد الله بن عمر بن الخطّاب، لا من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص، وإن وقع هنا في معظم نسخ "صحيح مسلم" التي بين أيدينا، فتنبّه، وبالله تعالى التوفيق.

(قَالَ: حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ الطَّائِفِ) وفي رواية البخاريّ: "لَمّا حاصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطائف"، (فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا)؛ أي: لم يُصب من أهل الطائف شيئًا من الغنائم، وفي مرسل ابن الزبير، عند ابن أبي شيبة، قال: "لَمّا حاصر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الطائف، قال أصحابه: يا رسول الله أحرقتنا نبال ثقيف، فادع الله عليهم، فقال: اللهم اهد ثقيفًا"، وذكر أهل المغازي أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا استعصى عليه الحصن، وكانوا قد أعدّوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة، ورَمَوا على المسلمين سكك الحديد المحمّاة، ورَمَوْهم بالنبل، فأصابوا قومًا، فاستشار نوفلَ بن معاوية الدِّيليّ، فقال: هم ثعلب في جُحْر، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرّك، فرَحَل عنهم، وذكر أنس في حديثه عند مسلم أن مدّة حصارهم كانت أربعين يومًا، وعند أهل السير اختلاف، قيل: عشرين يومًا، وقيل: بضع عشرة، وقيل: ثمانية عشر، وقيل: خمسة عشر، ذكره في "الفتح" (١).

(فَقَالَ: "إِنَّا قَافِلُونَ)؛ أي: راجعون إلى المدينة، وقال القرطبيّ رحمه الله: القافل: هو الراجع من السفر، والجماعة القافلة، ولا يقال لهم في ابتداء سيرهم: قافلة، بل رُفقة. انتهى (٢). (إِنْ شَاءَ اللهُ"، قَالَ أَصْحَابُهُ: نَرْجِعُ) بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أنرجع إلى المدينة؟، وقوله: (وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ؟) جملة في محلّ نصب على الحال من فاعل "نرجع"، والضمير للطائف، وفي بعض النسخ: "ولم نفتتحه"، وفي رواية البخاريّ: "فثَقُل عليهم، وقالوا: نذهب، ولا نفتحه"، (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ"، فَغَدَوْا عَلَيْه، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا"، قَالَ: فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ،


(١) "الفتح" ٩/ ٤٥١ - ٤٥٢، كتاب "المغازي" رقم (٤٣٢٤).
(٢) "المفهم" ٣/ ٦٢٥.