للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧)} [الأنفال: ٧].

(فَانْطَلَقُوا)؛ أي: ذهبوا إلى جهة العدوّ، وواصلوا المسير، (حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا) تقدّم الكلام فيه مستوفًى في أول الباب. (وَوَرَدَتْ عَلَيْهِمْ رَوَايَا قُرَيْشٍ) بفتح الراء: جمع راوية؛ يعني: الإبل التي يُستقى عليها، واحدتها راوية، وأصل الراوية: المزادة، فقيل للبعير: راوية؛ لحمله المزادة، قال الخطّابيّ رحمه الله (١).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: وروى البعير الماءَ يرويه، من باب رَمَى: حَمَله، فهو راويةٌ، والهاء فيه للمبالغة، ثمّ أُطلقت الراوية على كلّ دابّة يُسْتَقَى الماءُ عليها. انتهى (٢).

وقوله: (وَفِيهِمْ غُلَامٌ أَسْوَدُ) جملة حاليّة؛ أي: والحال أن في جملة الرَّوَايا عبد أسود (لِبَنِي الْحَجَّاجِ) قبيلة معروفة، (فَأَخَذُوهُ)؛ أي: أخذ أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك الغلام الأسود، (فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ)؛ أي: عن خبره هل هو فاتهم أم لا؟ (وَأَصْحَابِهِ)؛ أي: وعن خبر أصحاب أبي سفيان الذين جاءوا معه من الشام ببضائع أهل مكة، (فَيَقُولُ) ذلك الغلام: (مَا لِي عِلْمٌ بِأَبِي سُفْيَانَ، وَلَكِنْ هَذَا) مشيرًا إلى من هم قريبون منهم، وهم: (أَبُو جَهْلٍ) عمرو بن هشام، وأبو جهل لَقَبُه في الإسلام، وكان يُكنى في الجاهليّة بأبي الحكم، ثم كُني بأبي جهل؛ لجهله بالإسلام الذي هو كان شرفًا له في الدنيا والآخرة لو دخل فيه. (وَعُتْبَةُ) بن ربيعة (وَشَيْبَةُ) بن ربيعة أخو عتبة (وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ)؛ أي: قوله: هذا أبو جهل … إلخ (ضَرَبُوهُ) لظنّهم كذبه في ذلك، (فَقَالَ) الغلام إذا ضربوه: (نَعَمْ، أَنَا أُخْبِرُكُمْ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ) إنما قال هذا؛ لتألمه بالضرب، لا لكونه يعلم مكان أبي سفيان، كما بيّنه بقوله: (فَإِذَا تَرَكُوهُ) عن الضرب (فَسَأَلُوهُ) عن أبي سفيان وأصحابه (فَقَالَ: مَا لِي بِأَبِي سُفْيَانَ عِلْمٌ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِي النَّاس، فَإِذَا قَالَ هَذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ)؛ أي: كما ضربوه أوّلًا على هذا القول، وذلك لأنّ الغلام رأى هؤلاء الصناديد في الجيش الذي قَدِم من مكة، ولم ير أبا سفيان؛


(١) "معالم السنن" ٤/ ١٩.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٦.