للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنه هَرب عادلًا عن الطريق المعتاد إلى طريق الساحل، فنجا، ولم يكن الصحابة - رضي الله عنهم - عارفين بقدوم جيش قريش: أبي جهل وأصحابه، فظنّوا أن الغلام يَكْذِبهم، فضربوه لذلك.

وقوله: (وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ) جملة حاليّة مما قبله، وكذا قوله: (يُصَلِّي) حال من رسول الله، (فَلَمَّا رَأَى) - صلى الله عليه وسلم - (ذَلِكَ)؛ أي: ضَرْبَهم العبد إذا صدقهم بإخبار الواقع، وتَرْكَهم له إذا أخبرهم بخلاف الواقع، (انْصَرَفَ)؛ أي: سلّم - صلى الله عليه وسلم - من صلاته، قال النوويّ رحمه الله: معنى قوله: "انصرف" سَلّم من صلاته، ففيه استحباب تخفيفها إذا عرض أمر في أثنائها. انتهى (١).

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَضْرِبُوهُ) اللام فيه لام الابتداء، جِيءَ بها للتوكيد، قال النوويّ رحمه الله: هكذا وقع في النسخ: "تضربوه"، و"تتركوه" بغير نون، وهي لغة، سبق بيانها مرّات، أعني حذف النون بغير ناصب، ولا جازم. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: حذف نون الرفع بلا ناصب، ولا جازم جائز بقلّة، وقد بيّن ذلك ابن مالك رحمه الله في "الكافية الشافية حيث قال:

بِالنُّونِ رَفْعُ نَحْوِ "تَذْهَبُونَا" … و"تَذْهَبَانِ" ثُمَّ "تَذْهَبِينَا"

وَاحْذِفْ إِذَا جَزَمْتَ أَوْ نَصَبْتَا … كَـ"لَمْ تَكُونَا لِتَرُومَا سُحْتَا"

وَحْذْفُهَا فِي الرَّفْعِ قَبْلَ "نِي" أَتَى … وَالْفَكُّ وَالإِدْغَامَ أَيْضًا ثَبَتَا

وَدُونَ "نِي" فِي الرَّفْعِ حَذْفَهَا حَكَوْا … فِي النَّثْرِ وَالنَّظْمِ وَمِمَّا قَدْ رَوَوْا (٣)

"أَبِيتُ أَسْرِي وَتَبِيتِي تَدْلُكِي … وَجْهَكِ بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذَّكِي"

وقال في "شرحه": ومثال ذلك في النثر ما رُوي من قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٢٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٢٦.
(٣) وفي في بعض النسخ بدل هذا البيت:
وَقَلَّ حَذْفٌ دُونَ "نِي" نَثْرًا كَمَا … "لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى" وَمِمَّا نُظِمَا
وفي نسخة:
وَدُونَ "نِي" فِي الرَّفْعِ حَذْفَهَا حَكَوْا … نَظْمًا وَنَثْرًا نَادِرًا وَقَدْ رَوَوْا