للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومحاها الله، ولا يهلك على الله إلا هالك"، وإنما الذي ساق لفظ جعفر هو الحافظ أبو نعيم في "مستخرجه" (١)، كما سيأتي قريبًا، وفيه: "فإن عملها كتبت له عشر أمثالها"، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقال ابن عبد السلام في "أماليه": معنى الحديث: إذا هَمّ بحسنة، كُتبت له حسنة، فإن عملها كُمّلت له عشرةً؛ لأنا نأخذ بقيد كونها قد هَمّ بها، وكذا السيئة إذا عملها لا تكتب واحدةً للهمّ، وأخرى للعمل، بل تكتب واحدة فقط.

قال الحافظ: الثاني صريح في حديث هذا الباب، وهو مقتضى كونها في جميع الطرُق لا تُكْتب بمجرد الهمّ، وأما حسنةُ الهمّ بالحسنة فالاحتمال قائم.

وقوله: "بقيد كونها قد هَمَّ بها" يَعكُر عليه مَن عَمِلَ حسنة بغتة، من غير أن يَسْبِق له أنه هَمَّ بها، فإن قضية كلامه أنه يُكتب له تسعةً، وهو خلاف ظاهر الآية: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، فإنه يتناول مَن هَمَّ بها، ومن لم يَهُمَّ.

والتحقيق أن حسنةَ مَن هَمّ بها تَندَرج في العمل في عشرة العمل، لكن تكون حسنةُ مَن هَمَّ بها أعظم قدرًا ممن لم يَهُمَّ بها، والعلم عند الله تعالى. انتهى كلام الحافظ، وهو تحقيقٌ نفيس، والله تعالى أعلم.

(إِلَى سَبْعِمَائَةِ ضِعْفٍ) "الضِّعْفُ" في اللغة: الْمِثْلُ، والتحقيق: أنه اسم يقع على العدد، بشرط أن يكون معه عدد آخر، فإذا قيل: ضعف العشرة، فُهِمَ أنّ المراد عشرون، ومن ذلك لو أَقَرَّ بأن له عندي ضعف درهم، لزمه درهمان، أو ضعفي درهم لزمه ثلاثة.

(إِلَى أَضْعَافٍ كثِيرةٍ) قال في "الفتح": لم يقع في شيء من طُرُق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "إلى أضعاف كثيرة" إلا في حديثه في "الصيام فإن في بعض طرقه عند مسلم: "إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا عزا الحافظ إلى المصنّف بزيادة لفظ: "إلى ما شاء الله"، ولم أر هذه الزيادة في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عنده


(١) راجع: "مستخرج أبي نُعيم" ١/ ١٩٩ رقم (٣٣٨).