للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محلّ جرّ صفة لـ"طعام"، (ثُمَّ لَقِيتُ) بكسر القاف، من باب عَلِم، (أَبَا هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (مِنَ الْعَشِيِّ) "من" بمعنى "في"، و"العشيّ" - بفتح العين المهملة، وكسر الشين المعجمة، وتشديد الياء -: قيل: هو ما بين الزوال إلى الغروب، ومنه يقال للظهر والعصر: صلاتا العشيّ، وقيل: هو آخر النهار، وقيل: العشيّ من الزوال إلى الصباح، وقيل: العشيّ، والعِشَاء من صلاة المغرب إلى الْعَتَمَة، وعليه قول ابن فارس: العِشاءان: المغربُ والْعَتَمةُ، قاله الفيّوميّ (١).

(فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ) قال الفيّوميّ - رحمه الله -: "الدَّعْوة" بالفتح في الطعام، اسم من دَعَوْتُ الناسَ: إذا طلبتهم ليأكلوا عندك، يقال: نحنُ في دَعْوَة فلان، ومَدْعاته، ودُعائه بمعنًى، وقال قبل ذلك: الدِّعْوة بالكسر في النسبة، يقال: دَعَوته بابن زيد، قال الأزهريّ: الدِّعْوة بالكسر: ادّعاءُ الولد الدّعِيّ غيرَ أبيه، ثمَّ قال: قال أبو عُبيد: وهذا كلام أكثر العرب، إلا عَدِيّ الرباب، فإنهم يَعْكسون، ويَجعلون الفتح في النسب، والكسر في الطعام. انتهى باختصار (٢).

(عِنْدِي اللَّيْلَةَ) الظرفان متعلّقان بـ"الدَّعْوَة"، وفي الرواية الآتية: "فكانت نوبتي، فقلت: يا أبا هريرة اليومُ نوبتي". (فَقَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - (سَبَقْتَنِي)؛ أي: إلى الدَّعْوة، فإني كنت أريدها لنفسي، قال عبد الله: (قُلْتُ: نَعَمْ) سبقتك إليها، فلتُجب دعوتي؛ للأمر بذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر حقّ المسلم على المسلم، فقال: "حقّ المسلم على المسلم ستٌّ: إذا لَقِيْتَه فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عَطَس فحمد الله، فشَمِّته، وإذا مَرِض فعُدْه، وإذا مات فاتّبعه"، رواه مسلم.

قال عبد الله: (فَدَعَوْتُهُمْ)؛ أي: دعوت أبا هريرة، ورِفقته إلى الطعام، (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَلَا) أداة عرض وتحضيض (أُعْلِمُكُمْ) - بضمّ أوله، وكسر اللام المخفّفة -، من الإعلام، ويَحْتَمِل أن يكون بتشديدها، من التعليم، (بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ)؛ أي: بعض حديث فيه شرفكم، وفضلكم، (يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ) ظاهر هذه الرواية يدلّ على أن أبا هريرة - رضي الله عنه - بدأهم بالتحديث، من غير طَلَب منهم، لكن سيأتي ما يُعارضه في الرواية الثالثة، ولفظه: "فجاءوا إلى


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤١٢.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١٩٥.