المنزل، ولم يُدرِك الطعام، فقلت: يا أبا هريرة لو حدّثتنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يُدرِك الطعام، فقال: كنّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح. . ."، فإن هذا يدلّ على طلب عبد الله بن رَبَاح من أبي هريرة - رضي الله عنه - أن يُحدّثهم.
ويُجمع بينهما بأن عبد الله طلب منه أوّلًا أن يُحدّثهم، ثمَّ ذكر أبو هريرة - رضي الله عنه - حديث فتح مكة إجابة لطلبه، والله تعالى أعلم.
(ثُمَّ ذَكَرَ) بالبناء للفاعل؛ أي: ذكر أبو هريرة - رضي الله عنه - (فَتْحَ مَكَّةَ) قال القاضي عياض - رحمه الله -: إنما اختار أبو هريرة - رضي الله عنه - ذِكْر فتح مكة؛ لِيُعْلم من لم يحضره من أبناء الأنصار، ولذلك قال لهم: "ألا أُعْلِمُكم بحديث من حديثكم". انتهى (١).
(فَقَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - في سوقه الحديث:(أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) من المدينة إلى مكة، (حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ) ووقع في بعض النسخ: "حين قدم مكة"، والأول أوضح. (فَبَعَثَ) - صلى الله عليه وسلم - (الزُّبَيْرَ) بن العوّام بن خُويلد بن أسد بن عبد الْعُزَّى بن قُصيّ بن كلاب، أبا عبد الله القرشيَّ الأسديّ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنّة، قُتل سنة (٣٦ هـ) بعد مُنصرفه من وقعة الْجَمَل. (عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ) - بضمّ الميم، وفتح الجيم، وكسر النون المشدّدة -؛ أي: على إحدى القطعتين اللتين تمشيان في جانبي الجيش، والمراد هنا: الميسرة، كما بيّنه في الرواية الثالثة بقوله: "فجعل خالد بن الوليد على المجنّبة اليُمنى، وجعل الزبير على المجنّبة اليُسرى"، وذلك أن العادة أن الجيش يُقسّم خمسة أقسام: المقدّمة، وهي القطعة التي تمشي أمام الجيش، والقلب، وهو الذي يكون في الوسط، والميمنة، وهي التي تمشي في جانب يمين الجيش، والميسرة، وهي التي تمشي في جانب يساره، والساقة، وهي التي تمشي خلف الجيش، والله تعالى أعلم.
(وَبَعَثَ خَالِدًا)؛ أي: ابن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عُمَر بن المخزوم، سيف الله، أبو سليمان، من كبار الصحابة - رضي الله عنهم -، أسلم بين الحديبية والفتح، ومات - رضي الله عنه - سنة (١ أو ٢٢ هـ). (عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الأُخْرَى) هي اليمين،