كما أسلفته آنفًا، (وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ) بن الْجَرّاح، واسمه عامر بن عبد الله الْجَرّاح بن هلال بن أُهيب بن ضبّة بن الحارث بن فِهْر القرشيّ الفِهريّ، أحد العشرة المبشّرين بالجنّة، أسلم قديمًا، وشَهِد بدرًا، مات شهيدًا بطاعون عَمَوَاس، سنة (١٨ هـ). (عَلَى الْحُسَّرِ) - بضمّ الحاء، وتشديد السين المهملتين -: جمع حاسر؛ أي: الذين لا دُرُوع عليهم، والمراد بهم هنا: الرّجّال، كما سيأتي في الرواية الثالثة بلفظ:"على البياذقة"، وهم الرّجّالة. (فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي)؛ أي: جعلوا طريقهم في بطن الوادي، وقوله:(وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي كَتِيبَةٍ) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي: والحال أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كائن في كتيبة من الجيش، و"الكتيبة": بفتح، فكسر: هي الطائفة من الجيش مجتمعةً، والجمع: كتائب، والمراد بهم هنا القلب.
والحاصل أنَّه كان الزبير، وخالد على المجنِّبتين، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القلب، وكان أبو عبيدة على الرّجّالة، والله تعالى أعلم.
(قَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - (فَنَظَرَ)؛ أي: نظر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الصحابة - رضي الله عنهم - (فَرَآنِي، فَقَالَ:"أَبُو هُرَيْرَةَ؟ ")؛ أي: أنت أبو هريرة؟ ففيه حذف أداة الاستفهام (قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ)؛ أي: أجيب نداءك إجابة بعد إجابة، وهو كناية عن شدّة عنايته بالطاعة، وتوجهه إليه بكلّيّته، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ") وقوله: (زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ) هو: ابن فرّوخ شيخ المصنّف في السند الماضي، ومفعول "زاد" قوله: (فَقَالَ. . . إلخ) فهو في محكيّ؛ لقصد لفظه.
[تنبيه]: قوله: "زاد غير شيبان. . . إلخ" قال الحافظ رشيد الدين العطّار - رحمه الله - في "غرر الفوائد": وهذه الزيادة غير متّصلة في الكتاب. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: مراد الرشيد: أن قول مسلم - رحمه الله -: "زاد غير شيبان" ليس متّصلًا؛ لأنه لم يذكر مسلم سماعه، من ذلك الغير، ولم يُعرف أيضًا من هو؟.
لكن قد تبيّن أن الحديث متّصل من غير طريق شيبان أيضًا، فقد رواه عن سليمان بن المغيرة غيره، منهم أبو بكر بن أبي شيبة، في "مصنّفه"، وبهز بن