للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سفيان: يا رسول الله أبيحت خضراء قريش، بعد هذا اليوم، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أغلق بابه فهو آمن"، قال: فغَلّق الناس أبوابهم، قال: فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استلم الحجر، وطاف بالبيت، فأتى على صنم إلى جنب البيت يعبدونه، وفي يده قَوْسٌ، وهو آخذ بِسِيَةِ القوس، فجعل يَطْعُن بها في عينه، ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ} [الإسراء: ٨١]، حتى إذا فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلاها، حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، وجعل يحمد الله، ويذكره، ويدعو بما شاء أن يدعو، قال: والأنصار تحته، قال: يقول الأنصار بعضها لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته، قال: قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي، لم يَخْفَ علينا، فليس أحد من الناس يرفع طَرَفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يَقْضِي، فلما قضي الوحيُ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصار"، قالوا: لبيك يا رسول الله، قال: قلتم: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته؟ قالوا: قد قلنا ذلك يا رسول الله، قال: "فما اسمي إذًا؟ كلّا إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله، وإليكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم"، قال: فأقبلوا إليه يبكون، يقولون: والله يا رسول الله ما قلنا الذي قلنا، إلا للضِّنِّ بالله ورسوله، قال: "فإن الله ورسوله يَعْذِرانكم، ويُصَدِّقانكم". انتهى (١).

والحاصل أن هذه الزيادة - أعني قوله: "اهتف لي بالأنصار" ثابتة صحيحة، ولعلّ المصنّف - رحمه الله - لاعتماده على صحتها، حيث رآها من رواية هؤلاء الستّة، أوردها خلال الحديث، ولم يُفصح بمن زادها؛ لكثرتهم، والله تعالى أعلم.

(اهْتِفْ) بوصل الهمزة، وكسر التاء، (لِي بِالأَنْصَارِ")؛ أي: ادعُهم إليّ، يقال: هَتَفَ به هَتْفًا، من باب ضَرَبَ: صاح به، ودعاه، وهَتَفَ به هاتفٌ: سَمِع صوتَهُ، ولم يَرَ شَخْصَهُ، وهَتَفَت الحمامةُ: صَوَّتَت، قاله الفيّوميّ - رحمه الله - (٢).

وقال المنذريّ في "تلخيص أبي داود": الْهَتْفُ: الصوتُ، وهَتَفَ به؛ أي: صاح به، وهذا ثقةٌ منه - صلى الله عليه وسلم - بالأنصار، واستنابة إليهم، وتقريبٌ لهم لمّا


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" ٧/ ٣٩٧.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٣.