ردّ الله عليهم ذلك بقوله:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الإسراء: ١١٠]؛ ولهذا قال كفار قريش يوم الحديبية لمّا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعَليّ:"اكتب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)} "، فقالوا: لا نعرف الرحمن، ولا الرحيم، رواه البخاريّ، وفي بعض الروايات: لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، وقال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠)} [الفرقان: ٦٠].
قال: والظاهر أن إنكارهم هذا إنما هو جُحود، وعناد، وتعنّت في كفرهم؛ فإنه قد وُجد في أشعارهم في الجاهلية تسمية الله تعالى بالرحمن، قال ابن جرير: وقد أنشد لبعض الجاهلية الجُهَّال [من الطويل]:
ألا ضَرَبَتْ تلك الفتاةُ هَجِينَها … ألا قَضَبَ الرحمنُ رَبّي يمينها
(وَلَكِنِ اكْتُبْ مَا نَعْرِفُ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ) وفي حديث المسور عند البخاريّ: "قال: فدعا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الكاتب، فقال: اكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو؟، ولكن اكتب: باسمك اللهم، كما كنت تكتب، فقال المسلمون: لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: اكتب باسمك اللهم".
(فَقَالَ:"اكْتُبْ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُول اللهِ لا، قَالُوا: لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ لَاتَّبَعْنَاكَ)، وفي حديث البراء: "لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئًا، ولبايعناك"، وعند النسائيّ: "ما منعناك بيته"، وفي رواية: "لو كنت رسول الله لم نقاتلك"، وفي حديث المسور: "فقال سهيل بن عمرو: والله لو كنا نعلم