أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك"، وفي رواية عروة في "المغازي": "فقال سهيل: ظلمناك إن أقررنا لك بها، ومنعناك"، وفي حديث عبد الله بن مُغَفَّل: "لقد ظلمناك إن كنت رسولًا".
(وَلَكِنِ اكْتُبِ اسْمَكَ، وَاسْمَ أَبِيكَ) وفي حديث عبد الله بن مغفل: "فقال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب"، (فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اكْتُبْ مِنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ")، وفي حديث المسور عند البخاريّ: "فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: والله إني لرسول الله، وإن كذّبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله".
قال القرطبيّ - رحمه الله -: ليس معارِضًا للرواية التي تقدَّم ذكرها؛ إذ ليس فيها أن عليًّا كتب بيده، وإنما فيها: أنه - صلى الله عليه وسلم - أمره بالكتابة كما أمره بالمحو، فلم يمح عليّ، ولم يكتب، فلمَّا امتنع عليٌّ منهما جميعًا للوجه الذي ذكرناه، قال له - صلى الله عليه وسلم -: "أرني مكانها"، فأراه إيَّاه، فمحاه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكتب بيده، على ما تقرر من المذهب الأول، وعليه تجتمع الروايات المختلفة. انتهى (١).
(فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ)؛ أي: من المسلمين، (لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا، رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا) وفي حديث المسور عند البخاريّ: "فقال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منّا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا"، وفي رواية ابن إسحاق: "على أنه من أتى محمدًا من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم، ومن جاء قريشًا ممن يتّبع محمدًا لم يردّوه عليه".
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فاشترطوا عليه أن من جاء منكم لم نردّه، ومن جاء منا رددتموه علينا" لا خلاف بين الرواة والمتأولين أن الرجال داخلون في هذا اللفظ العامّ، واختلفوا: هل دخل فيهم النساء؟ فمنهم من منع ذلك، واستدلّ بما جاء في البخاريّ في "كتاب الشروط"، في هذا الحديث، وهو أنه قال: "ولا يأتيك منا رجل على دينك، إلا رددته إلينا"، وهذا نصّ، وعلى هذا، فلا يُحتاج إلى الاعتذار عن حبس النبيّ - صلى الله عليه وسلم - النساء اللاتي أسلمن، وهاجرن إلى المدينة، ولا أن نقول في قوله تعالى:{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}[الممتحنة: ١٠] إنه ناسخ، والأكثر على أنهنّ دخلن في ذلك العموم، وقد رُوي