مسلمًا، وأن لا يطالبوا بمن جاء إلى المشركين منهم، (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) - رضي الله عنه - من رَحْله، (فَأَتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، ألَسْنَا عَلَى حَقٍّ) هو الإسلام، (وَهُمْ)؛ أي: كفّار قريش (عَلَى بَاطِلٍ؟) هو الكفر، وفي حديث المسور عند البخاريّ:"قال عمر بن الخطاب: فأتيت نبيّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ألست نبي الله حقًّا؟ قال: بلى"، زاد الواقديّ من حديث أبي سعيد:"قال عمر: لقد دخلني أمر عظيمٌ، وراجعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مراجعةً، ما راجعته مثلها قطّ".
وفي حديث المسور أيضًا من قول عمر للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ ليس كنت حدّثتنا أنا سنأتي البيت، فنطوف به؟ "، وفي رواية ابن إسحاق:"كان الصحابة لا يشكّون في الفتح؛ لرؤيا رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا رأوا الصلح دخلهم من ذلك أمر عظيمٌ، حتى كادوا يهلكون"، وعند الواقديّ:"أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان رأى في منامه قبل أن يعتمر أنه دخل هو وأصحابه البيت، فلمّا رأوا تأخير ذلك شقّ عليهم".
ويستفاد من هذا الفصل جواز البحث في العلم حتى يظهر المعنى، وأن الكلام يُحمل على عمومه، وإطلاقه حتى تظهر إرادة التخصيص والتقييد، وأن من حَلَف على فعل شيء، ولم يذكر مدّة معينة لم يحنَث، حتى تنقضي أيام حياته، قاله في "الفتح"(١).
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("بَلَى"، قَالَ) عمر - رضي الله عنه - (أَليْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّة، وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("بَلَى"، قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ) بفتح الدال المهملة، وكسر النون، وتشديد الياء آخر الحروف، وهي: النَّقِيصة، والخصلة الخسيسة، قال القرطبيّ - رحمه الله -: قول عمر: "لِمَ نعطي الدنية في ديننا"؛ يعني بالدنيّة: الحالة الخسيسة، ويعني به: الصلح على ما شرطوا، ولم يكن ذلك من عمر شكًّا، ولا معارضة، بل كان استكشافًا لِمَا خَفِي عنه، وحثًّا على قتال أهل الكفر، وإذلالهم، وحرصًا على ظهور المسلمين على عدوهم، وهذا على مقتضى ما كان عنده من القوّة في دين الله، والجرأة والشجاعة التي خصَّه الله بها، وجواب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر - رضي الله عنه - بما جاوباه به يدل على أن عندهما من عِلْمِ