للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه، وحَثًّا على إذلال الكفار، وظهور الإسلام، كما عُرِف من خُلُقه - رضي الله عنه -، وقوّته في نُصرة الدين، وإذلال المبطلين، وأما جواب أبي بكر - رضي الله عنه - لعمر بمثل جواب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فهو من الدلائل الظاهرة على عَظِيم فضله، وبارع علمه، وزيادة عرفانه، ورسوخه في كل ذلك، وزيادته في ذلك كلِّه على غيره - رضي الله عنه -. انتهى (١).

وقال في "الفتح" ما حاصله: لم يراجع عمر - رضي الله عنه - أحدًا في ذلك بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وذلك لجلالة قدره، وسعة علمه عنده، وفي جواب أبي بكر لعمر - رضي الله عنهما - بنظير ما أجابه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سواءً دلالة على أنه كان أكمل الصحابة - رضي الله عنهم -، وأعرفهم بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمهم بأمور الدين، وأشدّهم موافقةً لأمر الله تعالى، وقد وقع التصريح في هذا الحديث بأن المسلمين استنكروا الصلح المذكور، وكانوا على رأي عمر في ذلك، وظهر من هذا الفصل أن الصدّيق لم يكن في ذلك موافقًا لهم، بل كان قلبه على قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواءً، وفي الهجرة أن ابن الدَّغِنَة وَصَفَ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - بنظير ما وصفت به خديجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواءً، من كونه يَصِل الرحم، ويَحْمِل الْكَلّ، ويعين على نوائب الحقّ، وغير ذلك، فلما كانت صفاتهما متشابهة من الابتداء استمرّ ذلك إلى الانتهاء. انتهى (٢).

(قَالَ) سهل بن حُنيف - رضي الله عنه - (فَنَزَلَ الْقُرْآنُ) المراد أنه نزل قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)} [الفتح: ١]، ففيه إطلاق القرآن على بعضه، (عَلَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْفَتْح)؛ أي: قوله - عز وجل -: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١)} … إلخ (فَأَرْسَلَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (إِلَى عُمَرَ) - رضي الله عنه - (فَاقرأَهُ إِيَّاهُ)؛ أي: القرآن المنزل بالفتح (فَقَالَ) - رضي الله عنه - (يَا رَسُولَ الله، أَوَ فَتْحٌ هُوَ؟)؛ أي: الصلح الواقع في الحديبية يعدّ فتحًا، والهمزة للاستفهام، والواو عاطفة على محذوف خبرٍ لمقدّر؛ أي: أهذا نصر، وفتح؟ (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("نَعَمْ") هو فتح عظيم، ونصر جسيم؛ إذ ترتّب عليه مصالح عظيمة، وفتوحات جسيمة، فقد حصل في زمن الهدنة فتح خيبر،


(١) "شرح النوويّ" ١٢/ ١٤١.
(٢) "الفتح" ٦/ ٦٤٦، كتاب "الشروط" رقم (٢٧٣١).