للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان ما أصاب المسلمين من شدّة الغضب على صلح الحديبية؛ لظنهم أنه فيه هضمًا لهم، وإذلالًا، إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ما هو أصلح من ذلك، فوافق على الصلح، فكان خيرًا لهم.

٢ - (ومنها): بيان ما كان عليه عمر - رضي الله عنه - من الشدّة والصلابة في الدين، بحيث إنه لم يستطع أن يسكت، فأتى إليه - صلى الله عليه وسلم -، فكلّمه، بغلظة، إلا أنه أجابه بما اقتنع به، فرجع مقتنعًا.

٣ - (ومنها): بيان فضل أبي بكر - رضي الله عنه - على سائر الصحابة، فإنهم انزعجوا لذلك الصلح، وهو ثابتٌ غير قَلِق؛ لقوّة إيمانه، وشدّة تمسّكه بوعد الله تعالى الذي لا يُخلف: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (٥١)} [غافر: ٥١].

٤ - (ومنها): بيان سبب نزول "سورة الفتح"، وهو قضيّة الحديبية.

٥ - (ومنها): أن ما ترتّب عليه الفتح يسمّى فتحًا، فإن صلح الحديبية جاء بعد فتح خيبر، وغيرها، فسُمي فتحًا، حتى قال عمر - رضي الله عنه -: "أوَ فتح هو؟ "، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نعم".

٦ - (ومنها): بيان ذمّ الرأي، فقد قال سهل - رضي الله عنه -: "أيها الناس اتّهموا رأيكم على دينكم"، وقد جاء عن عمر - رضي الله عنه - نحوه، ولفظه: "اتقوا الرأي في دينكم"، أخرجه البيهقيّ في "المدخل"، هكذا مختصرًا، وأخرجه هو والطبريّ، والطبرانيّ مُطَوَّلًا، بلفظ: اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتُني أردّ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأيي اجتهادًا، فوالله ما آلو عن الحقّ، وذلك يوم أبي جندل، حتى قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تراني أَرْضى، وتأبى".

والحاصل أن المصير إلى الرأي إنما يكون عند فقد النصّ، وإلى هذا يومئ قول الشافعيّ - رحمه الله - فيما أخرجه البيهقيّ بسند صحيح، إلى أحمد بن حنبل، قال: سمعت الشافعيّ يقول: القياس عند الضرورة، ومع ذلك فليس العامل برأيه على ثقة من أنه وقع على المراد، من الحُكْم في نفس الأمر، وإنما عليه بذل الوسع في الاجتهاد؛ ليؤجَر، ولو أخطأ، وبالله التوفيق.

وأخرج البيهقيّ في "المدخل"، وابن عبد البر في "بيان فضل العلم" عن