للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورُوي عن سعيد بن المسيب قال: مَن همّ بصلاة، أو صيام، أو حج، أو عمرة، أو غزوة، فحيل بينه وبين ذلك، بَلَّغه الله تعالى ما نَوَى.

وقال أبو عمران الجونيّ: "يُنَادَى الملك، اكتب لفلان كذا وكذا، فيقول: يا رب إنه لم يعمله، فيقول الله: إنه نواه".

وقال زيد بن أسلم: كان رجل يطوف على العلماء، يقول: مَنْ يَدُلُّني على عمل لا أزال منه لله عاملًا، فإني لا أحب أن يأتي عليّ ساعة من الليل والنهار، إلا وإني عامل لله تعالى؟، فقيل له: قد وجدت حاجتك، فاعمل الخير ما استطعت، فإذا فَتَرْتَ، أو تركت فَهُمَّ بعمله، فإن الهامَّ بفعل الخير كفاعله.

ومتى اقتَرَن بالنية قولٌ أو سعيٌ تأكد الجزاء، والتحق صاحبه بالعامل، كما رَوَى أبو كبشة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالًا وعلمًا، فهو يتقي ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علمًا، ولم يرزقه مالًا، فهو صادق النية، فيقول: لو أن لي مالًا لعملت بعمل فلان، فهو بنيّته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالًا، ولم يرزقه علمًا، فهو يتخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم فيه لله حقًّا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالًا ولا علمًا، وهو يقول: لو أن لي مالًا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيّته، فوزرهما سواء"، وأخرجه الإمام أحمد، والترمذيّ، وهذا لفظ ابن ماجه.

وقد حُمِل قوله: "وهما في الأجر سواء" على استوائهما في أصل أجر العمل، دون مضاعفته، فالمضاعفة يختص بها مَن عَمِل العمل دون من نواه ولم يعمله، فإنهما لو استويا من كل وجه، لكُتِب لِمَنْ هَمّ بحسنة، ولم يعملها عشر حسنات، وهو خلاف النصوص كلها، ويدل على ذلك قوله تعالى: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (٩٥) دَرَجَاتٍ مِنْهُ} [النساء: ٩٥ - ٩٦]، قال ابن عباس وغيره: القاعدون المفضل عليهم المجاهدون درجةً هم القاعدون من أهل الأعذار، والقاعدون المفضل عليهم المجاهدون درجاتٍ هم القاعدون من غير أهل الأعذار.