١٣ - (ومنها): إذا طلب المشركون، وأهل البدع، والفجور، والبغاة، والظَّلَمة أمرًا يعظِّمون فيه حرمة من حرمات الله أجيبوا إليه، وأُعطوه، وأُعينوا عليه، وإن مَنعوا غيره، فيعاوَنون على ما فيه تعظيم حرمات الله تعالى، لا على كفرهم، وبَغْيهم، ويُمنعون مما سوى ذلك، فكل من التمس المعاونة على محبوب لله تعالى مُرْضٍ له، أجيب إلى ذلك كائنًا من كان، ما لم يترتب على إعانته على ذلك المحبوب مبغوض لله أعظم منه، وهذا من أدقّ المواضع، وأصعبها، وأشقّها على النفوس، ولذلك ضاق عنه من الصحابة من ضاق، وقال عمر ما قال، حتى عَمِل له أعمالًا بعده، والصدّيق تلقاه بالرضى والتسليم، حتى كان قلبه فيه على قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأجاب عمر عما سأل عنه من ذلك بعين جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك يدل على أن الصدّيق - رضي الله عنه - أفضل الصحابة، وأكملهم، وأعرفهم بالله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمهم بدينه، وأقْوَمهم بمحابّه، وأشدّهم موافقة له، ولذلك لم يسأل عمرُ عما عَرَض له إلا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وصِدِّيقه خاصّةً، دون سائر أصحابه.
١٤ - (ومنها): أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عدل ذات اليمين إلى الحديبية، قال الشافعيّ: بعضها من الحِلّ وبعضها من الحرم.
وروى الإمام أحمد (١) في هذه القصّة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في الحرم، وهو مضطرب في الحِلّ، وفي هذا كالدلالة على أن مضاعفة الصلاة بمكة تتعلق بجميع الحرم، لا يخصّ بها المسجد الذي هو مكان الطواف، وأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي"؛ كقوله تعالى:{فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}[التوبة: ٢٨]، وقوله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[الإسراء: ١]، وكان الإسراء من بيت أم هانئ.
١٥ - (ومنها): أن من نزل قريبًا من مكة، فإنه ينبغي له أن ينزل في الحِلّ، ويصلي في الحَرَم، وكذلك كان ابن عمر يصنع.
١٦ - (ومنها): جواز ابتداء الإمام بطلب صلح العدوّ إذا رأى المصلحة